مقابلة الرئيس الغزواني.. أجوبة هادئة في توقيت غير مناسب- موقع الفكر
تانيد ميديا : أخيرا تحدث الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني إلى الإعلام الوطني، ولكن بطريقة بعيدة جدا عن الإحراج، اختارت الرئاسة من وجهة نظرها بعناية فائقة، بعض المواقع باعتبارها الأكثر تمثيلا وتنوعا، لتمكث الأسئلة أكثر من شهر لدى الرئاسة قبل أن يتم الإفراج عنها واستدعاء المعنيين إلى جلسة تصويرعادية مع رئيس الجمهورية، استلموا بعدها الأجوبة والإذن بالنشر.
عند هذا الصباح وجدت الأجوبة طريقها إلى النشر، دون أن تأخذ الكثير من الاهتمام في الرأي العام، حيث غابت عنها الأسئلة الأكثر إحراجا، ووجد الرئيس أيضا فرصة كبيرة لصياغة أجوبتها وتعزيزها بالمعطيات المناسبة.
وقد مكنت هذه الإجابات الرئيس الغزواني من تقديم الصورة المناسبة لنظامه وأداء حكومته، كما وجد أيضا الوقت المناسب للرد على الأسئلة الأكثر إحراجا ضمن المقابلة غير المحرجة أصلا.
محاربة الفساد بعيدا عن الإعلام
يتحدث الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني عن رفع الميزانية إلى 1.5 مليار دولار وهو ما يناهز 540 مليار أوقية قديمة، لكنه في الحديث عن المبالغ التي خضعت للتفتيش منذ إتباع مفتشية الدولة للرئاسة منتصف سنة 2021 فإنه لا يصل 24 مليار أوقية جديدة، وهو ما يمثل قرابة ربع إحدى من الميزانيات السنوية للبلاد.
أما المبالغ المسترجعة فإنها أيضا لاتتجاوز 907.210.877 أوقية جديدة، وهو ما يعني أن حجم التحقيق كان ضئيلا جدا مقارنة مع حجم الإنفاق كان ضئيلا للغاية.
وفي سياق محاربة الفساد يتحدث رئيس الجمهورية عن توصيته باستمرار التفتيشات ومحاربة الفساد بعيدا عن التشهير والإعلام، لكنه في نقطة موالية سيتحدث عن خطة وطنية لمحاربة الفساد يمكن لكل مواطن أن يشارك فيها.
لكن الجانب الذي لم يتطرق له رئيس الجمهورية في مقابلته، كما لم تتح للصحفيين الفرصة لطرح الأسئلة التي تثيرها الأجوبة، فكيف إذا يمكن لكل أحد وخصوصا من الإعلاميين والمجتمع المدني المساهمة في محاربة ظاهرة يراها المواطنون يوميات في حياة الإدارة، لكن الدولة تريد محاربتها بسرية تامة.
ما لم يتطرق إليه السؤال هل يتم منح صفقات الإنشاءات والتوريد وغيرها من الخدمات بشكل شفاف، وهل بالفعل تم حصرها الآن كما يقال في دائرة مخصوصة من أصحاب الواسطة والقرابة والنفوذ.
هل لاحظ الإعلاميون أن مؤسسات كبير في حجم التآزر لم يطلها التفيش، شأنها في ذلك شأن أغلب الوزارات والمؤسسات الحكومية.
وهل هناك جدية في محاربو الفساد مادامت التفتيش مثل ” ارواية برغود”
لم يعلق الرئيس على ضعف الحكامة وسوء الإدارة المستشري في جميع مؤسسات الدولة، وما نبشته محكمة الحسابات، يمثل غيضا من فيض.
في الملف الاقتصادي أسهب الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في تقديم المبررات والعوائق التي اعترضت نظامه منذ وصوله إلى الحكم، من حيث التركة الصعبة التي استلمها من الرئيس السابق، إضافة إلى أزمة كوفيد، ولاحقا الحرب الأوكرانية.
ودون أن يزيد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني على ما تقدمه حكومته من أرقام في برامجها المكررة خلال السنتين المنصرمتين، وغاب عنها الأفق المستقبلي، فلم تحمل المقابلة في نسختها العربية أي وعود أو تطمينات، بقدر ما اكتفت بالتذكير بأن الرئيس منحاز إلى الفئات الهشة، وأنه بذل جهودا كبيرة في تخفيف ظروف الحياة عليهم، وتلك دون شك إحدى السمات الإيجابية والمهمة والفارقة في نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.
احترام للقضاء.. وتلويح بقرب الترشح للرئاسة
نجح الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في مقابلته في استمرار نأيه بنفسه عن ملف القضاء، وخصوصا عن الملفين الأكثر صعوبة وزخما سياسيا وهما ملف الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز والنائب البرلماني محمد بوي ولد الشيخ محمد فاضل، مجددا تمسكه بأنه كرئيس للسلطة التنفيذية ينأى بنفسه عن التدخل في ملفات القضاء.
أما في الملف السياسي فقد حاول الرئيس الغزواني إمساك العصا من الوسط برهانه الخاص على التهدئة السياسية، مع محاولة أيضا لاسترضاء الأغلبية والرهان عليها، يعتقد ولد الشيخ الغزواني أنه لم يسع لقتل المعارضة، بل سعى فقط لإبعاد التنابز عن النقاش السياسي.
وفي رده عنى سؤال عن إمكانية الترشح للرئاسة، فتح الرئيس الغزواني باب احتمال الترشح إلى درجة النصف، مؤكدا أن الأمر متروك للشعب وخصوصا للأغلبية الداعمة له، وهو ما يعني بالضرورة إطلاق الحملة الرئاسية لمأمورية ثانية وليس غير ذلك.
كان ختام المقابلة نقطة قوة للرئيس الغزواني تأكيد موقفه المعبر عن موقف موريتانيا بشكل عام، حيث دعا إلى إيقاف هذه الحرب المجنونة، والعمل من أجل استقلال واستقرار فلسطين وعاصمتها القدس دون أن ينسى اللازمة غير المناسبة ” وهي عبارة القدس الشرقية” الموروثة في الخطاب السياسي العربي الرسمي من إرث المبادرة العربية التعيسة التي صفعت بها إسرائيل وجوه من اقترحوها.
يمكن الخروج من مقابلة الرئيس الغزواني بعدة نقاط أبرزها:
– عدم مناسبة التوقيت حيث كل الموريتانيين والرأي العام الوطني والدولي منشغل بقضية فلسطين والحرب على غزة.
– عمومية المضمون فلم تضمن الإجابات شيئا جديدا، ولم تكشف عن غير ما كان يتحدث به الرئيس ووزراؤه في المؤتمرات الصحفية، ولذلك لم تنل اهتماما كبيرا على وسائط التواصل الاجتماعي.
– التراجع عن مكسب إعلامي تحقق خلال السنوات المنصرمة، حيث تحظى مقابلات الرئيس بمتابعات كبيرة جدا، نظرا لعامل البث المباشر والسؤال المباشر، وهو ما غاب لتظهر المقابلة أقل سخونة مما توقع الجميع.