… تمخض الجبل ثلاثا، ولم يلد! (11)
تانيد ميديا : أسئلة حائرة موجهة إلى “دفاع الطرف المدني”!
السؤال الثامن: حول “غربلة قطب التحقيق” التي تَجُبُّ ما قبلها! (ب)
– وتنص المواد، 173، 174، 175 من قانون الإجراءات الجنائية “في قاضي التحقيق” و”الأوامر التي يختم بها التحقيق” وصيانة حقوق الدفاع المقدسة على ما يلي: “يقوم قاضي التحقيق وفقا للقانون باتخاذ جميع إجراءات التحقيق التي يراها ضرورية للكشف عن الحقيقة وعن أدلة الإثبات وأدلة النفي”(المادة 73)، “بمجرد اعتباره التحقيق منتهيا يقوم قاضي التحقيق بإبلاغ الملف إلى وكيل الجمهورية والأطراف ومحاميهم، إما شفهيا أو بإشارة على الملف أو برسالة مضمونة الوصول” (المادة 173)، “لمحامي المتهم والطرف المدني سواء أثناء التحقيق أو بعد إطلاعهم على ملف الإجراءات في كتابة ضبط التحقيق أن يطلبوا كتابيا الاستماع إلى شهود جدد أو مواجهات أو إجراء خبرة أو أي من إجراءات التحقيق يرونه مفيدا للدفاع عن المتهم أو لمصلحة الطرف المدني. وإذا امتنع قاضي التحقيق من القيام بإجراءات التحقيق الإضافية التي طلبت منه يجب عليه أن يصدر بذلك أمرا مسببا” (المادة 174)، “يحيل قاضي التحقيق بعد ذلك (أي بعد اكتمال جميع الإجراءات المنصوصة في المادتين 173 و174) الملف إلى وكيل الجمهورية…” (المادة 175). وقد رمى فريق التحقيق بهذه المواد الأربع عرض الحائط! حيث لم يتطرق في تحقيقه إلى أي دليل من أدلة النفي، ولم يناقش الحجج التي تمسك بها المتهم، وعندما طلبنا منه الاستماع إلى شهود نفي رفض طلبنا! وأحال الملف إلى النيابة فور إشعاره المتهمين بنهاية التحقيق؛ الشيء الذي حرمهم هم ودفاعهم من الاطلاع على الملف – ذلك الاطلاع المنصوص على وجوبه- حتى يومنا هذا! وجعل الملف يحال إلى النيابة قبل إبلاغه لبقية الأطراف، وقبل ممارستهم لما يخولهم القانون من إجراءات دفاعا عن موكليهم! ولما طلبنا منه كتابة – بإلحاح- إبلاغنا الملف لدى كتابة الضبط كما تنص على ذلك المادة 173 آنفة الذكر، رفض متعللا بقرار سابق صدر عنه بعد لأي يقضي بتسليمنا جميع أوراق الملف وظل يرفض تطبيقه إلى هذه اللحظة. في حين أن إبلاغ الملف الذي تتحدث عنه المادة 173 هو وضع الملف برمته عند الإشعار بنهاية التحقيق بين يدي الأطراف لدى كتابة الضبط ليمارسوا ما يخوله لهم القانون من إجراءات إعذارية، وليس إحالته!
– ناهيك عن حجز ومصادرة أملاك الغير في غيابه، رغم قيام البينة على ملكيته لها، واعتبارها أملاكا لولد عبد العزيز دونما سبب! ومن أطرف نماذج ذلك دار محمد فال ولد اللهاه رقم 448 الحي C منطقة تفرغ زينه والتي يملك جميع الأوراق التي تثبت ملكيته لها؛ ورغم ذلك وجه إليه قطب التحقيق “اليمين” فحلفها. ومع ذلك ظلت تلك الدار مصادرة بسبب أن دفاع ولد عبد العزيز اتخذها مقرا له! وكذلك الأمر دونما تبين بحجز جميع الممتلكات المصادرة من طرف النيابة بناء على طلب منها لم يبلغ إلى المتهمين ويعذر لهم فيه خلافا وخرقا لما تنص عليه وجوبا الإجراءات الجنائية!
هذا عن بعض الإجراءات الفاسدة التي لا حصر لها في هذا الملف، والقضاء إجراءات!
أما عن التدليس والغش فيه فحدث ولا حرج. ومن ذلك:
* الغش والتدليس الصارخ في المادة 18 من قانون مكافحة الفساد. تنص الفقرة الثالثة من المادة 18 من قانون مكافحة الفساد على معاقبة “كل من رفض عمدا ودون تبرير تزويد سلطات الرقابة والبحث والمتابعة والتحقيق بالوثائق والمعلومات المطلوبة” بالحبس من سنة (1) إلى خمس (5) سنوات، وبغرامة من مائتي ألف (200000) أوقية إلى مليون (1000000) أوقية” وهي جزء من مادة موضوعية تجرم “الإخفاء”، ولا علاقة لها بالإجراءات الجنائية. ومع ذلك فقد علل فريق التحقيق قراره الجائر ذا الرقم 046/2021 القاضي بوضع موكلنا تحت المراقبة القضائية المشددة بهذه الفقرة! في حين أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز لم يطلب منه على الإطلاق تسليم وثائق ومعلومات يخفيها! بل وجهت إليه تهم باطلة ومستحيل توجيهها إليه بموجب حصانته الدستورية، فرد بأنه يتمسك بمقتضيات المادة 93 من الدستور! وبالتالي فالفقرة 3 من المادة 18 المذكورة لا تنطبق عليه، ولا على واقعة دفعه وتمسكه بحصانته، وبعدم اختصاص القضاء العادي؛ كما لا تنطبق على استخدام حق الصمت المشروع! ويشكل لي عنق هذه الفقرة، وتحريفها عن موضعها، وتحميلها ما لا تحمل، بغية ظلم خصم سياسي “تدليسا وغشا… أثناء مزاولة التحقيق” يقع مرتكبهما تحت طائلة المخاصمة عملا بالفقرة الأولى من المادة 272 من قانون الإجراءات المدنية (الباب الثالث في مخاصمة القضاة). يضاف إلى ذلك كون العقوبة المنصوصة في الفقرة المذكورة على من ارتكب الفعل المجرم المحدد فيها، لا يوقعها فريق التحقيق ولا النيابة العامة. بل يحكم بها، إن ثبتت قاضي حكم في محاكمة عادلة وفي جلسة علنية. ومن التهافت والحيف، والخطأ المهني الفادح ربطها بإجراءات الرقابة القضائية واتخاذها سببا في تشديدها من عدمه. ويرجع سبب اللجوء إلى التدليس والغش هنا إلى تبعية فريق التحقيق للنيابة العامة حيث توجد في نهاية الصفحة العاشرة من محضر الاستجواب المفاجئ الذي اتخذ القرار إثره الملاحظة التالية من بين ملاحظات النيابة العامة: “المادة 18 من قانون مكافحة الفساد تعتبر أن أي شخص يمتنع عن تقديم معلومات متعلقة بوقائع ينص عليها قانون مكافحة الفساد يقع تحت طائلة إعاقة سير العدالة”! هكذا كانت تملي النيابة على فريق التحقيق، فيصدقها ويحكم لها بما تريد!
* والملف رقم النيابة 001/2021 له قصة حافلة بالغش والتدليس. فبعد أن أفتت النيابة فريق التحقيق بجواز منع المتهم ومحاميه من الاطلاع على ملف الاتهام خلافا لقوانين وشرائع السماء والأرض، ولصريح القانون الموريتاني وما يجري به العمل في موريتانيا، وخلافا لقرار صريح صادر من المحكمة العليا، رقمه 21/ 92 بتاريخ 1 إبريل 92. وبعد أن أجازت غرفتا الاتهام والغرفة الجزائية بالمحكمة العليا ذلك البغي. ظهرت لخلية التحكم في الملف فداحة ما عملت، فأوحت إلى فريق التحقيق أن أصدر أمرا بتسليم الملف إلى الدفاع، ولا تنفذه. ففعل. واستمرت مصادرة وحجب أجزاء هامة من الملف لتكون حكرا للنيابة كالملف الطبي للرئيس السابق مثلا! وقد بلغت أوراق الملف في الأخير من خلال ترقيمه لدى كتابة ضبط فريق التحقيق 8828 صفحة، إلا أنهلم يحل منه إلى محكمة الاستئناف في طور استئناف أمر الإحالة الباطل سوى 767 صفحة (أي أقل من عُشُره!) واعتمادا على هذا الجزء من الملف (767) صفحة تعهدت وحكمت كل من غرفة الاتهام والغرفة الجزائية لدى المحكمة العليا، دون أن تطرح أي منهما هذا السؤال الجوهري الصارخ: أين بقية الملف؟ خاصة أن “أمر الإحالة – الكتاب” المنظور من طرفهما، يحيل في أجزاء كثيرة منه إلى سفسطات واردة في صفحات من الملف تربو على رقم ثمانية آلاف (8000) كقوله مثلا: “… التي اشتراها المتهم في هذه المسطرة… الصفحات من 8054 إلى 8071 وما بعدها من المصنف من ترقيم الملف”!
* وأثناء التحقيق تقدمنا بعريضة إلى منسق فريق التحقيق نطلب فيها تعيين قاض من فريقه يقوم بالتحقيق حسب ما نص عليه المرسوم رقم 017/ 2017 وقد أودعت العريضة لدى كتابة ضبط ديوان فريق التحقيق بتاريخ 06 /5/ 022 ولدينا وصل الإيداع الذي يحمل ذلك التاريخ. ولكن فريق التحقيق تجنبا لإحراج تماديه في رفض تطبيق ذلك المرسوم زعم أن العريضة وصلت إليه بتاريخ 29/5/022 بعد ختم التحقيق!
* ولا ينتهي التدليس والغش عند هذا الحد بل يطالان تلفيق البينة، والتعامل مع المحكمة العليا في قضايا المخاصمة:
# ففي مجال البينة، لم تثمر سنة ونيف من “الغربلة” المنوه عنها؛ والتي شملت استماعات ومواجهات وإنابات قضائية داخلية وخارجية حسب ما ذكره نقيبنا المحترم، عن بينة يركن إليها ضد الرئيس السابق. فكان لا بد من اللجوء إلى اختلاق بينة بالغش والتدليس والتلفيق، فجاء في “أمر الإحالة – الكتاب” الذي “لا يشبه الكتبا” ما يلي:
“حيث إن المادة 16 من قانون مكافحة الفساد تنص على أن أي موظف عمومي لم يستطع تقديم تبرير للزيادة التي طرأت في ذمته المالية مقارنة بمداخيله المشروعة، يعتبر مرتكبا لجريمة الإثراء غير المشروع، وهو ما يعرف قانونا بالإثبات العكسي، أي إن عبء الإثبات في هذه الحالة يرجع إلى المتهم، فهو من عليه إثبات مصدر شرعي لثروته الطائلة.
حيث إنه من كل ما سبق يثبت بالأدلة القطعية التي لا يتطرق إليها الشك، نسبة تهمة الإثراء غير المشروع للمتهم محمد ولد عبد العزيز.
حيث إن ثبوت هذه التهمة تثبت به جميع التهم الموجهة للمتهم”! (الصفحتان 24 و25 نهاية الأولى وبداية الثانية). وكنا قد فندنا هذا الافتراء في الحلقة الخامسة من هذا العمل تحت عنوان “الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، وقانون مكافحة الفساد الموريتاني، والتعاون الدولي”.
# وفي التعامل مع المحكمة العليا في قضايا المخاصمة ظهر الغش والتدليس على أشدهما؛ حيث جاء رد قضاة الفريق المخاصمين على عريضة المخاصمة مدبجا على رأسية فريق التحقيق، وتحت رقمي النيابة 001/221 والتحقيق 001/2021 وهو رقم ملف الاتهام، وفي شكل أمر على عريضة رقمه 01/2022 بدأ بـ”نحن الحسين ولد كبادي، قاضي التحقيق، رئيس الفريق الخاص بمكافحة الفساد، وبعضوية كل من: القاضي أحمد محمد حفظ، والقاضي محمد خطري السالك عضوي فريق التحقيق الخاص بمكافحة الفساد، نظرا للإجراءات الجارية في الملف المنوه عنه أعلاه المتهم فيه كل من: محمد ولد عبد العزيز وآخرون بتهم….”! والحقيقة هي أن عريضة المخاصمة لا علاقة لها بملف القضية ولا برقمه ولا بتهمه ولا برقمه؛ بل تتعلق بدعوى مدنية ينظمها القانون المدني ولها رقم قضية مستقل هو 01/2022!
وتم اتباع نفس الأسلوب من طرف رئيس فريق التحقيق في رده على مخاصمتنا له الأخيرة!
وهذا غيض من فيض!
تلك نماذج من “غربلة” فريق التحقيق التي يشيد بها ويفخر نقيبنا وعميدنا المحترم ويجب بها عمل “لجنة التحقيق البرلمانية” (المرحومة) ويؤسس عليها مزهوا دونما تبين أمر الإحالة الباطل! فهل كانت هذه “الغربلة” عند “حسن الظن” بها من حيث المستوى والأداء والعلم والعدل والمهنية؟ أم كذبتها شواهد الامتحان؟
يتبع