العزلة تخنق بلديات مقامة وتفاقم من تردي الأوضاع المعيشية –
تانيد ميديا : تتوسل صفية جار من بيلكت ليتامه إلى جارها ليوصلها على عربة حصانه إلى مقامة لشراء بعض المواد الاستهلاكية ..مسافة لا تتعدى 20 كم لكن وعورة الطرق وخشونة التضاريس التي تتقاسمها الأخاديد العمقية ومجاري المياه الغائرة والمنحدرات الصخرية الممتدة عبر الضفة الشمالية من نهر السنغال وغياب الطرق المعبدة جعل التنقل بين القرى والتجمعات السكانية كابوسا ليس فقط لأصحاب السيارات الرباعية، بل أيضا للعربات التي تجرها الخيول.. لا يزال السكان في بيلكت ليتام مركز البلدية يتذكرون كيف أدى انقلاب عربة حصان إلى كسر مضاعف في فخذ مدير الإعدادية مما استدعى تغيبه عن العمل لأشهر.
تتوقف حركة الزمن هنا عن الدوران وتضبط العادات والتقاليد إيقاع الحياة البدائية للسكان، فالآبار السطحية والبرك الآسنة ومحافرالوهاد وبطون الأدوية مصدر الماء الرئيسي للسكان، وغلات الموسم الزراعي الشحيحة هي مصدر قوتهم، والطين والحطب قواما العمران والوقود..
يقول الوجيه خطري ولد الحاج إن انعدام طرق معبدة ضاعف من تكلفة النقل حيث تصل لأزيد من 200 أوقية جديدة، للوصول إلى مركز المقاطعة مقامه، وينقطع الاتصال بالمنطقة خلال فصل الأمطار عندما تجتاح السيول المتدفقة وادي تاشوط .
فيما يطالب محمد ولد الطالب بإنشاء صالات فوق مجاري السيول لتسهيل النقل من وإلى مركز البلدية والذي يأوي أزيد من 700أسرة.
تداعيات خطيرة
قرى المنطقة والقول لود الحاج تصبح تحت رحمة السيول في فصل الخريف فلا يمكن الوصول إليها إلا بعد أيام من انحسار مياه الوديان وتراجع مجاري السيول.
وحدها السيارات الرباعية القادرة على فك طوق العزلة حول المنطقة إبان مواسم الأمطار وبعد اتخاذ الكثير من الاحتياطات واصطحاب أدلاء خبيرين بمعابر الوديان ومعالم المنطقة وأحيانا يتحتم على ركابها الانتظار لأيام في انتظار انحسار السيل أو جفاف الأودية يعلق خطري ولد العيد من مركز البلدية..
العزلة الخانقة في القرى والتجمعات التابعة لمقامها تركت بصماتها على مختلف جوانب النشاط فالنقطة الصحية الوحيدة ببلكت ليتام لا تتوفر على أي وسيلة لنقل المرضى أو الانتقال إليهم في التجمعات القريبة، فيما يتكفل ذووالمرضى بتحمل نفقات نقلهم لأقرب مركز صحي في مقامه.
وفي النقاط الصحية وحتى في مدراس المنطقة تكشف السجلات عن حركة تحويلات كل عام بسبب هاجس العزلة والانقطاع عن العالم الخارجي لدى الموظفين المحالين للعمل في هذه القرى والتجمعات كما يقول الأهالي.
كما تنعكس العزلة في حرمان مركز البلدية من عديد الخدمات الضرورية بما فيها المياه بسبب ارتفاع تكلفة التنقيب والحفر عن البحيرات العذبة، كما أن تنظيف وشق الترع وجداول المياه لري المزارع من النهر يحتاج تكلفة أكبر بسبب هذه العزلة التي طالت حتى الاتصال اللاسلكي حيث لا تكاد تتوفر سوى خدمة واحدة للاتصال وبشكل متقطع وردئ.
تسرب دراسي وانعدام للخدمات
لاشك أن واقع إعدادية المركز والتي لا زالت دون تسوير رغم بنائها من طرف التعاون الياباني يقف شاهدا على حاجة البلدية لتعبيد الطرق بين القرى والتجمعات التابعة لها وحتى يتمكن عشرات الأطفال من متابعة دراستهم، وحتى لا يكون مصيرهم التسرب والانقطاع كما هو حال الكثيرين من أترابهم في هذه المناطق النائية المنسية.
وهكذا حافظت العزلة على الطابع البدائي للحياة في هذه المناطق وأثرت بشكل سلبي على استفادة السكان من المشاريع الحكومية بما في ذلك انتظام تموين دكاكين “أمل ” وتدخلات “تآزر” وحتى حملات التطعيم والتلقيح ضد الأمراض الفتاكة يعلق مدير الإعدادية الطيب محمد محمود.
عن موقع الفكر