محمد الشيخ ولد سيدي محمد – يكتب: أليس فيكم رجل رشيد؟!

تانيد ميديا :من حقنا أن نحتفيَ بحَدثين بارزين في أفق هذا العام 2024؛ أولهما رئاسةُ موريتانيا للاتحاد الإفريقي، وثانيهما انتخابُ فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في المأمورية الثانية، مأمورية ما أطلقُ عليه بناء الجمهورية ومؤسساتها وتحقيق الإجماع الوطني الأخاذ، وذلك لعدة أسباب ومن أجل إنجاز العديد من المشاريع التنموية الكبرى، أذكر اليوم ثلاثة مبررات مشفوعة بثلاثة إنجازات كبرى نأمل أن نُجمع عليها:
أما المبررات الثلاثة فهي واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار؛ يحتاج الأفارقة إلى حكيم من حكماء القارة، بعد أن أقفرت من الحكماء المؤسسين لعصبة دول عدم الانحياز، التي ساهمت في ثورات التحرر ودحر عهود الاستعمار والاستعباد للقارة وشعوبها، في الخمسينيات والستينات من القرن المنصرم. ويحتاج العرب لا إلى أعراب (فهم أشد كفرا ونفاقا وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله )، كما بيّن الله في سورة التوبة الفاضحة لهم، بل إلى رجل رشيد يصدح بكلمة حق أمام سلطان جائر، اسمُه النظام العالمي الذي يشرّع الإبادة الجماعية، ورمزه الفيتو الأمريكي. ويحتاج المجال الجغرافي للساحل والصحراء إلى إطلاق مشاريع كبرى، تنطلق من الجمهورية الإسلامية الموريتانية، توفر شروط النهضة الجديدة لبلاد الملثمين، وتقضى على خطابات التأزيم والكراهية
واستنساخ حروب الجغرافيا، وحروب الهويات، وحروب التفقير.
إننا نرى أن عقلاء موريتانيا إن هم اغتنموا فرصها المتاحة، ستجري مقادير الخير على بلدنا وشعبنا وشبابنا وأمتنا وجوارنا وقارتنا، و أُجمِلُ هذه الفرص في النقاط الثلاثِ التالية:
أولا: إنشاء صندوق سيادي للاستثمار، ممول من عائدات المعادن والصيد والنفط والغاز، موجه لتشغيل الشباب، وتمويل الأقطاب التنموية الخمسة في موريتانيا (لحدادة، النهر – الوسط-المعادن والواحات- الرحل والمدن الأثرية).
ثانيا: إنشاء مدينة سياحية في “عين الصحراء” بگلب الريشات، كأكبر مشروع سياحي استثماري بميزانية سنة كاملة، لجعل هذا الفضاء يدر مزايا جذب الاستثمارات العالمية، وعلماء الفضاء والجيولوجيا والباحثين والسيّاح في العالم. وهذا المشروع (عين الصحراء- گلب الريشات) يجب أن يستوعب البطالة، وأن يكون عامرا بالمطارات، والمآذن، والمتاحف، والمكتبات، والمعارض، والمصانع، والملاعب الرياضية، وأن يكون محفوفاً بالأمن والأمان، وثمار التنمية المستدامة.
ثالثا: إطلاق طريق الحجيج، وهو أقدس وأخلص وأصوب وأبرك طريقٍ سارت عليه جيادنا وأقدامُنا وسُفن صحرائنا، وقوافلُ رحّلنا؛ طريق الحب في الله، والبغض في الله، والعطاء في الله والمتع في الله؛ وهي أربعٌ ما اكتملت لأحدٍ إلا كمل شرف إيمانه، ومنزل مقامه. ندعو إذن إلى ضرورة تشييد هذه الطريق وعمارتها، وإبراز المعاني والمباني التي أسستها تجارب الحجاج الشناقطة، والوقف الإسلامي لكل القادة الفاتحين، بما في ذلك أوقاف الصحابة، والشناقطة الحجاج، ومؤلفاتهم، تأسِّياً بوقف السيدة زبيدة، والسيدة اخناثه بنت بكار في تعبيد طرق الحج، وتعميرها بالمؤن والسقيا. سيوفر هذا المشروع لموريتانيا نهضة اقتصادية كبرى كطريق الحرير الجديد، الذي هو سر نهضة كل من الصين والهند وآسيا الجديدة عموما؛ وهو سر مشروع مارشال الذي أعاد بناء أوربا الجديدة بعد حروب الدمار. وهو سر الكوابل البحرية لشبكة الاتصالات، وكذلك لشبكة ستارلينك التي أطلقها المليادير إيلون ماسك، ووادي السيلكون الذي هو طريق الثورة الرقمية عبر البحار واليابسة، والذي يوفر بديلا عن حروب الجغرافيا، وحروب الهويات المدمرة، وحروب الكراهية المنتشرة. وهو سر ثروة البيانات الصحيحة والألياف البصرية أساسات النهضة الشاملة اليوم، في سباق الفضاء وسباق امتلاك القوة الناعمة بامتلاك قدرات الذكاء الصناعي وآلياته، ويؤخِّرُ هذا المشروع لعقودٍ مسارات القوة الخشنة التي استعملها الاستعمار الجديد، باستخدامها المفرط للقوة الخشنة، لتدمير العراق وسوريا واليمن وفلسطين؛ وترسِّخُ في هذا المجال الجغرافي استخدامَ المواردِ في ما ينفع الشعوب، ويوقف مسلسل ما يستغله الكبار من أسلحة في الحروب الممتدة، التي تسلب الأوطان سيادتها، وتبيد شعوبها، وتصفى أدمغتها ومقاوميها.
وسواء عَبَرَ طريقُ الحج الجديد هذا، الجنوبَ والغربَ الإفريقي، أو مرَّ عبر الشمال والسودان والمغرب الأقصى والمشرق العربي، سكون وفاءً لعهدِ المرابطين واحتراماً لأئِمَّتِهم يحي بن عامر، وأبوبكر بن عامر، وعبد الله بن ياسين، ويوسف بن تاشفين نضر الله وجوههم.

والخلاصة التي أضعها بين أيدي المفكرين والباحثين والمختصين، أنّ وضع استراتيجيات ثلاثٍ لإنجاز صندوق سيادي للاستثمار في مشاريع التنمية، وبناء عقول البشرية، وتشييدِ مدينة سياحية اسمها “عين الصحراء” وتعبيد طريق الحج الجديد بلاد الملثمين ومهد المرابطين… سيقضى على حروب الجغرافيا والهويات والفقر ،الممتدة والمدمرة لأسس العيش المشترك والأخوة جنوبا وشمالا وارتداداتها؛ وسوف يوفر مناخا عالميا للحوار والشراكة والنماء، وسوف يمتص بطالة الكفاءات والشباب، ويشجع الازدهار والتنوع الثقافي والبيئي، ويعيد لصحراء الملثمين الجمالَ و التألق في قيم المحبة وقيم التضامن والسلام،

محمد الشيخ ولد سيد محمد
المدير العام للمركز الموريتاني للدراسات الاستراتيجية والبيانات الاحصائية (المسوح ) والتنمية المستدامة.
002246922626

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى