ثمن ثقيل واجب السداد….

: ثمة‭ ‬جماعة‭ ‬مسلحة‭ ‬جديدة‭ ‬تنشر‭ ‬الرعب‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬شعب‭ ‬مالي‭.‬
يتحدث‭ ‬المقاتلون‭ ‬لغة‭ ‬غريبة،‭ ‬ولا‭ ‬يشبهون‭ ‬أهل‭ ‬مالي،‭ ‬وينزلون‭ ‬القرى‭ ‬برفقة‭ ‬جنود‭ ‬ماليين،‭ ‬وتتمثل‭ ‬مهمتهم‭ ‬الظاهرة‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬الجيش‭ ‬على‭ ‬تطهير‭ ‬مجموعة‭ ‬عنيدة‭ ‬من‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭.‬
إلا‭ ‬أنَّ‭ ‬تاريخهم‭ ‬في‭ ‬جنبات‭ ‬إفريقيا‭ ‬حافل‭ ‬بأعمال‭ ‬العنف‭ ‬الإجرامية‭ ‬وعدم‭ ‬الكفاءة‭ ‬والاستغلال‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وصاروا‭ ‬يشتهرون‭ ‬الآن‭ ‬بقتل‭ ‬المدنيين‭ ‬الماليين‭ ‬مع‭ ‬إفلاتهم‭ ‬من‭ ‬العقاب‭.‬
وهؤلاء‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬مجموعة‭ ‬فاغنر،‭ ‬وهي‭ ‬شركة‭ ‬مرتزقة‭ ‬روسية‭ ‬تشتهر‭ ‬بأفعالها‭ ‬النكراء‭ ‬ولها‭ ‬قوات‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬كلٍ‭ ‬من‭ ‬جمهورية‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬وليبيا‭ ‬وموزمبيق‭ ‬والسودان‭. ‬وإرثهم‭ ‬زاخر‭ ‬بالمتفجرات‭ ‬المفخخة‭ ‬والأعمال‭ ‬الوحشية‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬المدنيين‭. ‬شنوا‭ ‬غارات‭ ‬خرقاء‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬كابو‭ ‬ديلجادو‭ ‬بشمال‭ ‬موزمبيق‭ ‬في‭ ‬أيلول‭/‬سبتمبر‭ ‬2019،‭ ‬فهزمهم‭ ‬المتمردون‭ ‬شرَّ‭ ‬هزيمة،‭ ‬فانسحبوا‭ ‬منها‭ ‬يجرون‭ ‬أذيال‭ ‬الخيبة‭ ‬بعد‭ ‬نحو‭ ‬شهرين،‭ ‬وحلت‭ ‬محلهم‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬قوة‭ ‬إفريقية‭ ‬متعددة‭ ‬الجنسيات‭ ‬تقوم‭ ‬بواجبها‭ ‬خير‭ ‬منهم‭.‬
والآن‭ ‬دخلوا‭ ‬مالي‭ ‬بموجب‭ ‬اتفاق‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬العسكرية‭ ‬الحاكمة‭ ‬فيما‭ ‬تواصل‭ ‬القوات‭ ‬الفرنسية‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬‮«‬عملية‭ ‬برخان‮»‬‭ ‬انسحابها‭.‬
ويعد‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬هو‭ ‬الأحدث‭ ‬بين‭ ‬قوات‭ ‬مجموعة‭ ‬فاغنر‭ ‬وحكومة‭ ‬إفريقية،‭ ‬تعمل‭ ‬فاغنر‭ ‬بمقتضاه‭ ‬على‭ ‬إجراء‭ ‬تدريبات‭ ‬لقوات‭ ‬الأمن‭ ‬والجيش‭ ‬مقابل‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬القيمة‭ ‬–‭ ‬وهي‭ ‬الذهب‭ ‬المالي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭. ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬النتيجة‭ ‬واحدة‭: ‬ستظل‭ ‬مالي‭ ‬تقاسي‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الفوضى،‭ ‬وانهيار‭ ‬العلاقات‭ ‬المدنية‭ ‬العسكرية،‭ ‬والاغتراب‭ ‬عن‭ ‬المجتمعات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والعالمية‭. ‬وستكون‭ ‬قد‭ ‬تخلت‭ ‬خلال‭ ‬ذلك‭ ‬عن‭ ‬ثروات‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬تأمين‭ ‬مستقبلها‭ ‬الاقتصادي‭.‬
يأتي‭ ‬المدنيون‭ ‬الماليون‭ ‬ضمن‭ ‬المجموعات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تشعر‭ ‬بالأمان‭ ‬وسط‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬الجديد‭. ‬قال‭ ‬تاجر‭ ‬ماشية‭ ‬مالي‭ ‬لصحيفة‭ ‬‮«‬واشنطن‭ ‬بوست‮»‬‭ ‬في‭ ‬أيَّار‭/‬مايو‭ ‬2022‭: ‬“أنا‭ ‬مرعوب‭ ‬من‭ ‬المتطرفين،‭ ‬ومرعوب‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬المالي‭ ‬وهؤلاء‭ ‬الجنود‭ ‬البيض‭. ‬فلا‭ ‬أمان‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭.‬”

كيف‭ ‬تعمل‭ ‬فاغنر
استقدمت‭ ‬مالي‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬ما‭ ‬يتراوح‭ ‬من‭ ‬800‭ ‬إلى‭ ‬1‭,‬000‭ ‬مقاتل‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬فاغنر‭. ‬وأشار‭ ‬السيد‭ ‬رافائيل‭ ‬بارنز،‭ ‬الباحث‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬أبحاث‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية،‭ ‬في‭ ‬آذار‭/‬مارس‭ ‬2022،‭ ‬إلى‭ ‬أنَّ‭ ‬فاغنر‭ ‬اتبعت‭ ‬في‭ ‬مالي‭ ‬نفس‭ ‬الخطة‭ ‬التي‭ ‬نفذتها‭ ‬في‭ ‬بقاع‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬إفريقيا؛‭ ‬إذ‭ ‬تتكون‭ ‬استراتيجية‭ ‬هذا‭ ‬المقاول‭ ‬العسكري‭ ‬الخاص‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬محاور‭:‬
•تنشر‭ ‬المجموعة‭ ‬معلومات‭ ‬مضللة‭ ‬ورسائل‭ ‬مؤيدة‭ ‬للحكومة،‭ ‬كالمظاهرات‭ ‬المضادة‭ ‬والانتخابات‭ ‬المزورة‭. ‬فقد‭ ‬حاولت‭ ‬حملة‭ ‬التضليل‭ ‬التي‭ ‬نفذتها‭ ‬فاغنر‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬إبقاء‭ ‬الرئيس‭ ‬عمر‭ ‬البشير‭ ‬آنذاك‭ ‬في‭ ‬السلطة‭. ‬
•تختار‭ ‬فاغنر‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬مقابل‭ ‬خدماتها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الامتيازات‭ ‬المعدنية،‭ ‬كالتنقيب‭ ‬عن‭ ‬الذهب‭ ‬والمعادن‭ ‬الثمينة‭ ‬الأخرى‭. ‬ومالي‭ ‬غنية‭ ‬برواسب‭ ‬الذهب‭. ‬
•تقيم‭ ‬المجموعة‭ ‬علاقة‭ ‬مع‭ ‬الجيش‭ ‬الوطني‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬الاستشارات‭ ‬وإجراء‭ ‬التدريب‭ ‬وتوفير‭ ‬الحراسات‭ ‬الخاصة‭ ‬وتنفيذ‭ ‬عمليات‭ ‬مكافحة‭ ‬التمرد‭. ‬
تقدم‭ ‬فاغنر‭ ‬معظم‭ ‬الاستشارات‭ ‬للجيش‭ ‬وتجري‭ ‬معظم‭ ‬التدريب‭ ‬لأفراده‭ ‬في‭ ‬جمهورية‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى،‭ ‬كما‭ ‬توفر‭ ‬عناصر‭ ‬الحرس‭ ‬الخاص‭ ‬للرئيس‭ ‬فوستين‭ ‬أرشانج‭ ‬تواديرا‭. ‬وجاء‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬للمرصد‭ ‬الجيوسياسي،‭ ‬وهو‭ ‬موقع‭ ‬إلكتروني‭ ‬معني‭ ‬بالاستخبارات‭ ‬الدولية،‭ ‬أنَّ‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬منحت‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬حقوق‭ ‬التنقيب‭ ‬عن‭ ‬الماس‭ ‬وسمحت‭ ‬لها‭ ‬بإنشاء‭ ‬محطة‭ ‬إذاعية‭ ‬وصحف‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬بانغي‭.‬
ويقول‭ ‬بارينز‭: ‬“كان‭ ‬تدخل‭ ‬مؤسسة‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الروسية‭ ‬واضحاً‭ ‬طوال‭ ‬العملية،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬وأنها‭ ‬المستفيد‭ ‬من‭ ‬العلاقات‭ ‬العسكرية‭ ‬مع‭ ‬دولة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬من‭ ‬عملائها‭ ‬الجدد‭.‬”
الوضع‭ ‬في‭ ‬الساحل
مع‭ ‬دخول‭ ‬الأزمة‭ ‬في‭ ‬مالي‭ ‬عامها‭ ‬العاشر،‭ ‬زاد‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الساحل‭ ‬بنسبة‭ %‬70‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الممتدة‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2020‭ ‬و2021،‭ ‬وزاد‭ ‬عدد‭ ‬القتلى‭ ‬بنسبة‭ %‬17‭. ‬وواصلت‭ ‬الجماعات‭ ‬المتشددة،‭ ‬ولاسيما‭ ‬الموالية‭ ‬منها‭ ‬للقاعدة‭ ‬وتنظيم‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭ [‬داعش‭]‬،‭ ‬هجماتها‭ ‬في‭ ‬مالي‭ ‬وبوركينا‭ ‬فاسو‭ ‬المجاورة‭ ‬لها،‭ ‬نقلاً‭ ‬عن‭ ‬مركز‭ ‬إفريقيا‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭.‬
أنشأت‭ ‬فاغنر‭ ‬بُعَيد‭ ‬وصولها‭ ‬قاعدة‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬‮«‬مطار‭ ‬موديبو‭ ‬كيتا‭ ‬الدولي‮»‬‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬باماكو،‭ ‬على‭ ‬مقربة‭ ‬من‭ ‬قاعدة‭ ‬مالي‭ ‬الجوية‭ ‬‮«‬101‮»‬،‭ ‬وسرعان‭ ‬ما‭ ‬انتشر‭ ‬هؤلاء‭ ‬المرتزقة‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬مالي‭. ‬وتشير‭ ‬الدلائل‭ ‬إلى‭ ‬أنَّ‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬200‭ ‬جندي‭ ‬ربما‭ ‬يتمركزون‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬سيغو،‭ ‬وانتشر‭ ‬آخريون‭ ‬في‭ ‬تمبكتو،‭ ‬نقلاً‭ ‬عن‭ ‬مركز‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية‭.‬
وصل‭ ‬جنود‭ ‬فاغنريون‭ ‬وماليون‭ ‬إلى‭ ‬قرية‭ ‬مورا‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬مروحية‭ ‬في‭ ‬آذار‭/‬مارس‭ ‬2022،‭ ‬وذكرت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬بعد‭ ‬تحدثها‭ ‬مع‭ ‬شهود‭ ‬عيان‭ ‬ونشطاء‭ ‬ماليين‭ ‬ومسؤولون‭ ‬غربيين،‭ ‬أنَّ‭ ‬الهدف‭ ‬المعلن‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الزيارة‭ ‬كان‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬مجابهة‭ ‬المتمردين،‭ ‬ولكن‭ ‬الماليين‭ ‬والروس‭ ‬حاصروا‭ ‬القرية‭ ‬لمدة‭ ‬خمسة‭ ‬أيام،‭ ‬ولم‭ ‬يكفوا‭ ‬خلالها‭ ‬عن‭ ‬“نهب‭ ‬المنازل،‭ ‬وأسر‭ ‬أهالي‭ ‬القرية‭ ‬في‭ ‬مجرى‭ ‬نهر‭ ‬ناضب،‭ ‬وإعدام‭ ‬مئات‭ ‬الرجال‭.‬”‭ ‬وسفكوا‭ ‬دماء‭ ‬بعضهم‭ ‬دون‭ ‬استجوابهم،‭ ‬وكان‭ ‬الكثير‭ ‬منهم‭ ‬شباباً‭. ‬وسرق‭ ‬المرتزقة‭ ‬الحُلي‭ ‬وأخذوا‭ ‬الهواتف‭ ‬المحمولة‭ ‬لمنع‭ ‬الأهالي‭ ‬من‭ ‬تسجيل‭ ‬أعمالهم‭ ‬الوحشية‭.‬
وكشف‭ ‬تقرير‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أنَّ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬مدني‭ ‬لقوا‭ ‬حتفهم‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬عناصر‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬والمتمردين‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الممتدة‭ ‬من‭ ‬كانون‭ ‬الثاني‭/‬يناير‭ ‬وحتى‭ ‬آذار‭/‬مارس‭ ‬2022‭ ‬–‭ ‬بزيادة‭ ‬بنسبة‭ %‬324‭ ‬عن‭ ‬الربع‭ ‬السابق‭.‬
وأخبر‭ ‬مواطنون‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬عن‭ ‬جنود‭ ‬بيض‭ ‬يهاجمون‭ ‬الناس‭ ‬وينهبونهم‭ ‬ويقتلونهم،‭ ‬وقال‭ ‬أحد‭ ‬أهالي‭ ‬ضواحي‭ ‬تمبكتو‭ ‬الريفية‭: ‬“كثيراً‭ ‬ما‭ ‬يهاجمون‭ ‬من‭ ‬يحاولون‭ ‬الفرار؛‭ ‬فإذا‭ ‬حاولت‭ ‬الهرب،‭ ‬فسيقتلونك‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعرفوا‭ ‬هويتك‭.‬”
تعتبر‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الهجمات‭ ‬والإرهاب‭ ‬الناجم‭ ‬عنها‭ ‬السبب‭ ‬وراء‭ ‬ارتفاع‭ ‬أعداد‭ ‬اللاجئين‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬الأمان‭ ‬في‭ ‬موريتانيا‭ ‬جارة‭ ‬مالي‭ ‬غرباً‭. ‬إذ‭ ‬كشفت‭ ‬الجزيرة‭ ‬أنَّ‭ ‬‮«‬مخيم‭ ‬مبيرا‮»‬‭ ‬الموريتاني‭ ‬للاجئين‭ ‬شهد‭ ‬منذ‭ ‬أواخر‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬ارتفاع‭ ‬عدد‭ ‬اللاجئين‭ ‬إلى‭ ‬80‭,‬000‭ ‬لاجئ،‭ ‬مع‭ ‬وصول‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬7,000‭ ‬لاجئ‭ ‬في‭ ‬شهري‭ ‬آذار‭/‬مارس‭ ‬ونيسان‭/‬أبريل‭ ‬2022‭ ‬وحدهما‭.‬
وقال‭ ‬السيد‭ ‬عثمان‭ ‬ديالو،‭ ‬الباحث‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية‭ ‬والمقيم‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬السنغالية‭ ‬داكـار،‭ ‬للجزيرة‭: ‬“الكثير‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬التقارير‭ ‬والكثير‭ ‬ممن‭ ‬قابلناهم‭ ‬تحدثوا‭ ‬عن‭ ‬أنَّ‭ ‬الجيش‭ ‬بات‭ ‬أكثر‭ ‬وحشية‭.‬”‭ ‬وذكر‭ ‬أنَّ‭ ‬تزايد‭ ‬حدة‭ ‬الوحشية‭ ‬إنما‭ ‬حدث‭ ‬“منذ‭ ‬وصول‭ ‬فاغنر‭.‬”
“ثمة‭ ‬عنصر‭ ‬جديد؛‭ ‬فالتجاوزات‭ ‬والانتهاكات‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬الجيش‭ ‬المالي‭ ‬ليست‭ ‬جديدة،‭ ‬بيد‭ ‬أنَّ‭ ‬حجمها‭ ‬ووحشيتها‭ ‬تصاعدا‭ ‬منذ‭ ‬كانون‭ ‬الثاني‭/‬يناير‭ ‬2022؛‭ ‬وهذا‭ ‬شيء‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهله‭.‬”

الفوضى‭ ‬لا‭ ‬النجاح
ذكر‭ ‬المرصد‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬أنَّ‭ ‬قوات‭ ‬مجموعة‭ ‬فاغنر‭ ‬دائماً‭ ‬ما‭ ‬تدخل‭ ‬الدولة‭ ‬وهي‭ ‬تعدها‭ ‬باستتباب‭ ‬الأمن‭ ‬وحمايتها‭ ‬من‭ ‬المتمردين،‭ ‬لكن‭ ‬نتائجها‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬ترقى‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭.‬
فسرعان‭ ‬ما‭ ‬وجدت‭ ‬قوات‭ ‬فاغنر‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬مأزق‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬موزمبيق‭ ‬وسط‭ ‬بيئتها‭ ‬وحلفائها‭ ‬وعدوها،‭ ‬فتضاريس‭ ‬المنطقة‭ ‬كثيفة‭ ‬الأشجار‭ ‬جعلت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬عتاد‭ ‬فاغنر‭ ‬المتقدم‭ ‬كالمروحيات‭ ‬أداةً‭ ‬عديمة‭ ‬النفع،‭ ‬كما‭ ‬أنَّ‭ ‬عدم‭ ‬فهمهم‭ ‬للثقافة‭ ‬واللغة‭ ‬المحلية،‭ ‬وعدم‭ ‬ثقتهم‭ ‬بالجنود‭ ‬الموزمبيقيين،‭ ‬والتكتيكات‭ ‬الشرسة‭ ‬غير‭ ‬المتكافئة‭ ‬التي‭ ‬اتبعتها‭ ‬جماعة‭ ‬‮«‬أنصار‭ ‬السنة‮»‬‭ ‬المتمردة‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬وضع‭ ‬المرتزقة‭ ‬الروس‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬ضعيف‭.‬
يقول‭ ‬تقرير‭ ‬نشرته‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬ديلي‭ ‬مافريك‮»‬‭ ‬الجنوب‭ ‬إفريقية‭ ‬في‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭/‬نوفمبر‭ ‬2019‭: ‬“ولم‭ ‬يسلم‭ ‬جنود‭ ‬فاغنر‭ ‬من‭ ‬هجوم‭ ‬مباغت‭ ‬حين‭ ‬دخل‭ ‬متمردون‭ ‬معسكرهم‭ ‬مرتدين‭ ‬البدلات‭ ‬العسكرية‭ ‬للجيش‭ ‬الموزمبيقي؛‭ ‬وتسبب‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬زعزعة‭ ‬ثقة‭ ‬فاغنر‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬الوطني‭ ‬ودفع‭ ‬الروس‭ ‬إلى‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬القيام‭ ‬بدوريات‭ ‬مشتركة‭ ‬مع‭ ‬الجنود‭ ‬الموزمبيقيين‭.‬”
وعلى‭ ‬إثر‭ ‬هجمات‭ ‬قتلت‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬11‭ ‬مقاتلاً‭ ‬وجرحت‭ ‬نحو‭ ‬20‭ ‬آخرين،‭ ‬طفح‭ ‬كيل‭ ‬فاغنر‭ ‬وآثرت‭ ‬الانسحاب‭ ‬على‭ ‬عَجل‭.‬
وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬نيران‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬المندلعة‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬منذ‭ ‬10‭ ‬سنوات‭ ‬مشتعلة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬فاغنر‭. ‬وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬كشفت‭ ‬مؤسسة‭ ‬جيمس‭ ‬تاون‭ ‬أنَّ‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ %‬80‭ ‬من‭ ‬البلاد‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬تقع‭ ‬تحت‭ ‬سيطرة‭ ‬المتمردين‭.‬
ويقول‭ ‬المرصد‭ ‬الجيوسياسي‭: ‬“تواصل‭ ‬الميليشيات‭ ‬الاشتباك‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬ومع‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تعقد‭ ‬أي‭ ‬احتمالات‭ ‬سلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬على‭ ‬إثر‭ ‬الانقسامات‭ ‬الدينية‭ ‬والعرقية؛‭ ‬ويستفيد‭ ‬المرتزقة‭ ‬الروس‭ ‬طوال‭ ‬الوقت‭ ‬من‭ ‬مناجم‭ ‬الماس‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬بينما‭ ‬يقدمون‭ ‬المشورة‭ ‬لقادتها‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تزايد‭ ‬النفوذ‭ ‬الروسي‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى،‭ ‬فقد‭ ‬أخفقت‭ ‬قوات‭ ‬فاغنر‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أي‭ ‬انتصارات‭ ‬حاسمة‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬لصالح‭ ‬حكومة‭ ‬تواديرا‭. ‬بل‭ ‬على‭ ‬النقيض‭ ‬تماماً،‭ ‬يبدو‭ ‬السلام‭ ‬مستبعداً،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬دائماً،‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬القريب،‭ ‬ولم‭ ‬يزل‭ ‬المرتزقة‭ ‬متمركزين‭ ‬في‭ ‬بانغي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬من‭ ‬الرقابة‭ ‬الدولية‭.‬”
كما‭ ‬أنَّ‭ ‬كفاءة‭ ‬قوات‭ ‬مجموعة‭ ‬فاغنر‭ ‬في‭ ‬ساحات‭ ‬القتال‭ ‬موضع‭ ‬شك؛‭ ‬إذ‭ ‬قال‭ ‬الدكتور‭ ‬مارك‭ ‬جالوتي،‭ ‬الخبير‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الأمنية‭ ‬الروسية،‭ ‬لموقع‭ ‬‮«‬موسكو‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬موقع‭ ‬إخباري‭ ‬مستقل‭ ‬باللغة‭ ‬الإنجليزية،‭ ‬إنَّ‭ ‬انخفاض‭ ‬تكلفة‭ ‬فاغنر‭ ‬وعلاقتها‭ ‬بالكرملين‭ ‬و‭ ‬“خدمات‭ ‬دعم‭ ‬النظام”‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬تجعلها‭ ‬خياراً‭ ‬جذاباً‭.‬
ولكن‭ ‬نمت‭ ‬مجموعة‭ ‬المرتزقة‭ ‬هذه‭ ‬نمواً‭ ‬كبيراً‭ ‬منذ‭ ‬قتالها‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬نجاح‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬ضم‭ ‬شبه‭ ‬جزيرة‭ ‬القرم‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬وفي‭ ‬دعم‭ ‬قوات‭ ‬الرئيس‭ ‬بشار‭ ‬الأسد‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بعام‭.‬
ويقول‭ ‬جالوتي‭: ‬“من‭ ‬الواضح‭ ‬أنهم‭ ‬اضطروا‭ ‬إلى‭ ‬التوسع‭ ‬منذ‭ ‬أيامهم‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬وكان‭ ‬عليهم‭ ‬أيضاً‭ ‬تحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬مالية؛‭ ‬ويترتب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬تقليل‭ ‬معاييرها‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬المجندين،‭ ‬ويتزايد‭ ‬عملهم‭ ‬في‭ ‬مسارح‭ ‬لا‭ ‬يمتلكون‭ ‬فيها‭ ‬قدراً‭ ‬كبيراً‭ ‬من‭ ‬الخبرة‭.‬”
لنا‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬مثال‭ ‬صارخ‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬اكتراث‭ ‬مجموعة‭ ‬فاغنر‭ ‬بأرواح‭ ‬المدنيين،‭ ‬فبينما‭ ‬كانوا‭ ‬يساعدون‭ ‬الجيش‭ ‬الوطني‭ ‬الليبي‭ ‬بقيادة‭ ‬المشير‭ ‬خليفة‭ ‬حفتر‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية،‭ ‬فإذا‭ ‬بهم‭ ‬يزرعون‭ ‬الألغام‭ ‬الأرضية‭ ‬والعبوَّات‭ ‬الناسفة‭ ‬محلية‭ ‬الصنع‭ ‬والمتفجرات‭ ‬المفخخة‭ ‬في‭ ‬الأحياء‭ ‬السكنية‭. ‬فوضعوا‭ ‬مثلاً‭ ‬لغماً‭ ‬في‭ ‬كرة‭ ‬قدم،‭ ‬وآخر‭ ‬أسفل‭ ‬جثة‭.‬
توصل‭ ‬تقرير‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬حزيران‭/‬يونيو‭ ‬2022‭ ‬أنَّ‭ ‬الألغام‭ ‬الأرضية‭ ‬والمتفجرات‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬أودت‭ ‬بحياة‭ ‬130‭ ‬شخصاً‭ ‬وأصابت‭ ‬196‭ ‬آخرين‭ ‬بجروح‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬طرابلس‭ ‬وبنغازي‭ ‬وسرت‭ ‬ومدن‭ ‬أخرى‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الممتدة‭ ‬من‭ ‬أيَّار‭/‬مايو‭ ‬2020‭ ‬وحتى‭ ‬آذار‭/‬مارس‭ ‬2022‭. ‬وتراوحت‭ ‬أعمار‭ ‬الضحايا‭ ‬من‭ ‬4‭ ‬سنوات‭ ‬إلى‭ ‬70‭ ‬سنة،‭ ‬وكان‭ ‬معظمهم‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬والفتيان‭.‬
وذكر‭ ‬التقرير‭ ‬أنَّ‭ ‬ألغاماً‭ ‬أرضية‭ ‬“وغيرها‭ ‬من‭ ‬الذخائر‭ ‬غير‭ ‬المنفجرة‭ ‬عُثر‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬35‭ ‬موقعاً‭ ‬محدداً‭ ‬على‭ ‬جهاز‭ ‬تابلت‭ ‬تركته‭ ‬الشركة‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة،‭ ‬مجموعة‭ ‬فاغنر،‭ ‬في‭ ‬عين‭ ‬زارة،‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬كانت‭ ‬خاضعة‭ ‬لسيطرة‭ ‬الجيش‭ ‬الوطني‭ ‬الليبي‭ ‬وتواجدت‭ ‬فيها‭ ‬عناصر‭ ‬فاغنر‭ ‬آنذاك‭.‬”
قالت‭ ‬السيدة‭ ‬لما‭ ‬فقيه،‭ ‬مديرة‭ ‬قسم‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬بمنظمة‭ ‬‮«‬هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش‮»‬،‭ ‬على‭ ‬الموقع‭ ‬الإلكتروني‭ ‬للمنظمة‭: ‬“زادت‭ ‬مجموعة‭ ‬فاغنر‭ ‬من‭ ‬الإرث‭ ‬القاتل‭ ‬للألغام‭ ‬والمتفجرات‭ ‬المفخخة‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬ضواحي‭ ‬طرابلس،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬عودة‭ ‬الأهالي‭ ‬إلى‭ ‬ديارهم‭ ‬محفوفة‭ ‬بالمخاطر؛‭ ‬فلا‭ ‬بدَّ‭ ‬من‭ ‬فتح‭ ‬تحقيق‭ ‬دولي‭ ‬يتسم‭ ‬بالمصداقية‭ ‬والشفافية‭ ‬لضمان‭ ‬العدالة‭ ‬للجمع‭ ‬الغفير‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬وعمال‭ ‬إزالة‭ ‬الألغام‭ ‬الذين‭ ‬قُتلوا‭ ‬وأُصيبوا‭ ‬بإصابات‭ ‬مستديمة‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬بهذه‭ ‬الأسلحة‭.‬”

علاقة‭ ‬باهظة‭ ‬الثمن
يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬التحالف‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مجموعة‭ ‬فاغنر‭ ‬مكلفاً‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الثروة‭ ‬والسمعة‭ ‬الوطنية،‭ ‬فقد‭ ‬كشفت‭ ‬وكالة‭ ‬أنباء‭ ‬‮«‬رويترز‮»‬‭ ‬أنَّ‭ ‬مالي‭ ‬تدفع‭ ‬لفاغنر‭ ‬10‭.‬8‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭ ‬شهرياً‭ ‬مقابل‭ ‬خدماتها،‭ ‬كما‭ ‬توضح‭ ‬التقارير‭ ‬أنَّ‭ ‬فاغنر‭ ‬تخطط‭ ‬للاستيلاء‭ ‬على‭ ‬ثروة‭ ‬مالي‭ ‬المعدنية،‭ ‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬عملياتها‭ ‬في‭ ‬بقاع‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬القارة‭.‬
وما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬حلفاء‭ ‬مالي‭ ‬التقليديين‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬أدانوا‭ ‬اتفاقها‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬فاغنر‭. ‬وفي‭ ‬كانون‭ ‬الأول‭/‬ديسمبر‭ ‬2021،‭ ‬فرض‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬عقوبات‭ ‬وتجميد‭ ‬أصول‭ ‬وحظر‭ ‬سفر‭ ‬ضد‭ ‬مسؤولين‭ ‬معينين‭ ‬في‭ ‬فاغنر‭. ‬وفرض‭ ‬في‭ ‬شباط‭/‬فبراير‭ ‬2022‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬خمسة‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬الطغمة‭ ‬العسكرية‭ ‬الحاكمة‭ ‬في‭ ‬مالي‭.‬
كتب‭ ‬الدكتور‭ ‬جوزيف‭ ‬سيجل،‭ ‬مدير‭ ‬الأبحاث‭ ‬بمركز‭ ‬إفريقيا‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬مقالاً‭ ‬للمعهد‭ ‬الإيطالي‭ ‬للدراسات‭ ‬السياسية‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬أيَّار‭/‬مايو‭ ‬2022،‭ ‬يقول‭ ‬فيه‭ ‬إنَّ‭ ‬البلدان‭ ‬الإفريقية‭ ‬الأكثر‭ ‬ترحيباً‭ ‬بالنفوذ‭ ‬الروسي‭ ‬“كثيراً‭ ‬ما‭ ‬تظهر‭ ‬نسخها‭ ‬الخاصة‭ ‬من‭ ‬نموذج‭ ‬الحكم‭ ‬الاستبدادي‭ ‬في‭ ‬روسيا‭.‬”‭ ‬وينطبق‭ ‬هذا‭ ‬الوصف‭ ‬على‭ ‬إريتريا‭ ‬والسودان‭ ‬وزيمبابوي‭.‬
وذكر‭ ‬أنَّ‭ ‬شرعية‭ ‬القادة‭ ‬حين‭ ‬تصبح‭ ‬موضع‭ ‬شك،‭ ‬فإنَّ‭ ‬إضافة‭ ‬الجهود‭ ‬الروسية‭ ‬لكسب‭ ‬النفوذ‭ ‬تتضافر‭ ‬لتنتج‭ ‬بيئة‭ ‬“مزعزعة‭ ‬للاستقرار‭ ‬بطبيعتها‭.‬”‭ ‬وتكون‭ ‬النتيجة‭ ‬نظام‭ ‬يخدم‭ ‬مصالح‭ ‬النخب‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬المدنيين‭.‬

لتبني‭ ‬رؤية‭ ‬الرئيس‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬للنظام‭ ‬الدولي‭ ‬عواقب‭ ‬وخيمة‭ ‬على‭ ‬البلدان‭ ‬الإفريقية،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الغزو‭ ‬الروسي‭ ‬غير‭ ‬المبرر‭ ‬لأوكرانيا‭. ‬فيقول‭ ‬سيجل‭: ‬“تخيل‭ ‬دولة‭ ‬إفريقية‭ ‬كبيرة‭ ‬تؤكد‭ ‬أنَّ‭ ‬جارتها‭ ‬الأصغر‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬قط‭ ‬كياناً‭ ‬مستقلاً‭ ‬يتمتع‭ ‬بالسيادة‭.‬”‭ ‬وهذا‭ ‬النموذج‭ ‬يهدد‭ ‬مبادئ‭ ‬الحكم‭ ‬الرشيد‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬
ويقول‭ ‬سيجل‭: ‬“مع‭ ‬أنَّ‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬الحالي‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬ثوابت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ما‭ ‬يزال‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الكمال،‭ ‬فإنه‭ ‬يوفر‭ ‬أساساً‭ ‬قانونياً‭ ‬وجماعياً‭ ‬لسماع‭ ‬أصوات‭ ‬الأفارقة،‭ ‬وحماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬ومحاسبة‭ ‬الحكومات‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنَّ‭ ‬البديل‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تتصرف‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬–‭ ‬وكل‭ ‬فرد‭ ‬–‭ ‬كما‭ ‬تشاء‭ ‬الدولة‭ ‬وكما‭ ‬يشاء‭ ‬الفرد‭.

أسرة منبرالدفاع الإفريقي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى