الأسرة فى رمضان تعاون وتكامل / د.محمد ولد محمد غلام
الحمد الله و الصلاة والسلام على رسول الله .. حين ينادي منادي الله تعالى أن ‘يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر’ إيذانا بقرب افتتاح أبواب الجنة مع حلول إطلالة شهر رمضان المبارك، نجد الأسرة المسلمة تعتبر نفسها أولى الناس بالاستجابة لهذه الدعوة المباركة وأحراها باقتناص فرصة نداء هذا المنادي الصادق، تعاونا على البر والتقوى وتواصيا على الحق والصبر وتكاملا بين أفراد الأسرة، في مجالات مختلفة، لعل من أهمها:
1️⃣. التعاون في استحضار النية الصالحة وتنميتها:
أجل.. تحتاج الأسرة المسلمة – في فرصة ربانية كهذه – إلى أن تتعاون على استحضار النية الصالحة وتنميتها. فالنية عبادة العلماء، تنمية واستحضارا وتصفية من الشوائب:
– ليتناوب أهل البيت على القيام بمهمة التذكير باستحضار النية عند كل عبادة يقوم بها أهل البيت، بل عند كل عادة (لتتحول بالنية إلى عبادة)
– ليتعاون أهل البيت على إيجاد ‘بنك من النيات الصالحة’ يكون جاهزا لكل حركة أو تصرف أو إنفاق: . نية صلة الرحم لتستحضر مع كل إحسان أو سلام لقريب.
. نية إكرام الضيف ليستحضر مع التعاطي مع أي زائر
. نية إكرام الجار ليستحضر مع أي بذل للندى للجيران، بل في مجرد كف الأذى عن الجيران.
. نية البر بالوالدين مع كل تصرف يقوم به الأولاد تجاه الأبوين.
. نية رحمة الصغار في كل تصرف للأبوين تجاه الناشئة
. نية التعاون وحسن العشرة في كل تعاط بين الزوجين
. وهكذا…
فبهذه النيات الصالحات تزكو عبادات الأسرة وتنقلب عاداتها عبادات.
2️⃣. التكامل في المعارف والخبرات:
لينفق كل فرد في الأسرة مما آتاه الله من المعارف والعلوم، ليضيف بها إلى معارف بقية الأسرة وليتصدق بالإسهام بما يمتلك من خبرات، حتى تخرج الأسرة بأكبر غنيمة من هذا الموسم المبارك:
– فهذا قارئ مجود للقرآن
– وهذه فقيهة في الأحكام
– وهذا محاسب مقتصد
– وهذه واعظة مؤثرة
– وهذا فتح الله له باب دعائه ومسألته
وهكذا..
حتى تتكامل الأسرة في هذا الموسم وينال كل منها من أطيب مما لدى البعض
3️⃣. الإسناد المتبادل في العمل والخدمة:
العمل المنزلي والخدمة الأسرية في رمضان (وفي كل فترة) أجر مضاعف وخير مستفيض، ما استحضرت نية التعبد وحصل الإتقان.
ولذلك فإن على جميع أفراد الأسرة أن يكون كل منهم حريصا على أن ينال حظه من هذا الأجر ونصيبه من هذا الخير. فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا كان في البيت، كان في مهنة أهله.
4️⃣. تشاور في الصدقات واقتصاد البيت:
بدون التشاور والتسيير المشترك لميزانية البيت، فإن الأسرة المسلمة لن تتمكن من الوفاء بالتزاماتها المالية الموسمية، قياما بواجب النفقة الواجبة على أفرادها وإكراما لضيوفها وإحسانا لجيرانها وحضورا في مواسم الخير، تصدقا وإهداء وملاطفة لضعفة المسلمين وفقرائهم.
ولذلك كان لزاما على الأسرة المسلمة أن تنتهج نهج التشاور الاقتصادي والتسيير الجماعي الرشيد.
5️⃣. إشراك النشء في المدرسة الرمضانية:
إن لرجال الغد ونسائه – من نشئنا – علينا حق المشاركة في المدرسة الرمضانية واستيعاب معانيها الروحية والإيمانية والاجتماعية الرفيعة.
وعليه فإن على الأسرة المسلمة أن تشرك الأطفال (كل حسب سنه وقدراته) في هذا الموسم المبارك (واجبات علمية أو تربوية خفيفة من تلاوة أو ذكر، حمل الصدقات والمساهمات في إفطار الصائمين في المسجد المجاور مثلا..) وهكذا.
6️⃣. الإشعاع الدعوي وخدمة المجتمع:
ليست الأسرة العاملة للإسلام أسرة انكفاء على الذات او انطواء بين جدرانها، بل هي أسرة عطاء ونفع ودعوة وسعي للصلاح والإصلاح، ولذلك فينبغي لهذه الأسرة أن تتعرف على جيرانها وتتلمس حاجاتهم لتسدي لهم ما تستطيع وتسد من خلتهم ما يمكن لها أن تسد، بثا للكلمة الطيبة ونصحا بما يصلح من شان الدنيا أو يرفع الدرجات في الآخرة، انطلاقا من مبدأ ‘كف الأذى بالكلية، وبذل الندى حسب الاستطاعة’
والله المستعان وهو الهادي إلى سواء السبيل.