قرأت “السفارة” أولا قصة آسرة، ثم قرأتها كتابا يوثق – لأول مرة- رجالا وأحداثا وأفكارا وتاريخا كاملا كان في مهب النسيان والاضمحلال.
ثم وجدت فيها من السيرة الذاتية شيئا، ولكن هذه السيرة لم تكن صافية خالصة من غيرها ولا قائمة مقام سيرة ذاتية أخلص وأنقى وأعلق بذات المؤلف وتاريخه وأفكاره ومشاعره وتسلسلها وتطورها عبر تاريخ نضاله الطويل.
وشجرة الأرز التي أضيفت إليها السفارة كان قد غرس بذرتها الأولى الشيخ المختار ولد حامدٌ سنة 1937 بكولخ بالسينگال، ولكن من تعهدها وسقاها بالماء النمير حتى أزهرت وأثمرت وآتت أكلها في الفعل الثقافي والسياسي بموريتانيا كان الأستاذ محمدن ولد إشدو، جزاه الله خيرا عن هذا الوطن الحبيب إليه؛ لا يماري في ذلك إلا مكابر.
والكتاب – مع ذلك، وكما أسلفت- لم يرو عطشي في السيرة الذاتية، لأنه لا ينير تلك التضحيات الجسيمة التي تشكل كل واحدة منها قصة فيها كثير من التفاصيل المهمة والمثيرة والمضيئة لعالمي المؤلف: الداخلي والخارجي، وذلك خلال فترة امتدت – والحمد لله- ستة عقود.
هذه السيرة أنا أريدها سابقة لفترتنا السياسية هذه، غير متأثرة بها، ليجري فيها المؤلف من ماء الأدب والأدبية ما أجراه في مرثية تابت رحمة الله عليها.
هنيئا لنا ولكم – أستاذنا الكريم- بالمؤلف الجديد، لا جعله الله آخر عهدكم – ولا عهدنا- بجديدكم