خطر التهدئة السياسية
تانيد ميديا : اعتاد الانسان العربي ان يكون مستهلكا منذ عدة قرون ، مستهلكا على المستويات تقريبا ، و ليست الديمقراطية بدعا في ذلك ، حيث رحلت كغيرها مما تم استجلابه من خارج سياقه ،أي التجربة الغربية و ان بشكل صوري فج .الا ان الديمقراطية كغيرها من المفاهيم و التصورات لها دوالها و مقوماتها الاساسية التي تشكل هويتها ، والتي لا تنوجد دون توفرها او على الاقل توفر الحدود الدنيا منها . فلا ديمقراطية دون مشهد سياسي تتجاذبه سلطة حاكمة ، و معارضة طموحة وجادة . فاذا غابت هذه الثنائية تحت اي ذريعة كانت فلامجال للحديث عن الديمقراطية .ان الصيغ المختلفة التي تنكبت هذا الطريق و تحايلت عليه ليست سوى ديكتاتورية معممة ، ونظاما لحزب واحد مهما تكاثرت صوره و تنوعت صيغه.
و بهذه الثنائية يستقيم أمر الشأن العام وتتنافس المشاريع والرؤى ، ويدفع كل فريق باحسن ما لديه عدة وعتاد في مواجهة غريمه خدمة للوطن ، وكسبا لود الجماهير.
اما اذا غابت المعارضة او غيبت بسبب المحاصرة و الاختراق و انفردت السلطة وطحالبها و حيتانها و قططها السمان ، بالأمر فسيقع ، بل و قد وقع فعلا ما يروى و لا يطوى .
لا معنى في ادبيات الديمقراطية لمعارضة حميدة ، فما خلقت المعارضة أصلا كحمل وديع او خصم مشفق ، بل قد خلقت للمنازلة و تقويم الأود. و الاعوجاجات ، فإذا استشعر النظام قدرة المعارضة على كشف نقاط ضعفه ، و قدرتها على تحريك الشارع ارغمه ذلك على استفراغ الجهد و بذل المزيد من التمحيص و التمهل ، حتى لا يقع في شباك المعارضة التي تتربص به الدوائر.
ان المشهد السياسي الوطني منهك باخلاقياته وطيبته ووداعته التي حبذا لو استحالت رعونة .الاحزاب تم حلها دون تمهل ، و المشاريع قيد التأسيس تعطل دون تردد بمبررات واهية.
اعتقد ان التهدئة السياسية التي يتمايل طربا على انغامها بعض المهرجين و المرجفين و باعة الاوهام ، هي من أعظم سقطات النظام .
ان الحركة والصخب والضجيج من أمارات الحياة ، اما السكون والرتابة و الجمود فمحله القبور لا الدور.
ان تفاعل الافكار ، و تدافع الرؤى ، وتضارب التصورات و المشاريع ، مجلبة للنفع و خطوة هامة في سبيل اصطياد الاجدى والانفع.
ان نظام الحزب الواحد الذي نعيشه اليوم بلسان الحال ترك الضحية بين يدي الجلاد و هكذا انفتح الباب واسعا أمام المفسدين من كل الملل و النحل من عهد ولد الطايع الى يوم الناس هذا.
نرجو من النظام ان يتعقل و يرعوى ويخرج من جلباب الرمزنة و لعبة تدوير المفسدين و ان يكف عن متابعة اغتيال المشهد السياسي بلا هوادة ، و نرجو من المعارضة ان تصحو من سباتها و ان تستحدث آليات و مقاربات غير تقليدية ، و ان تخرج عن دائرة رد الفعل إلى الفعل و ان تستنهض قواعدها و ان تتزود بالصبر و طول النفس .
و اخيرا احذروا سمان القطط.
سيد المختار عال يتواصل46773726 بتاريخ 5_02_2024