لهواة التدوين أن يرْعَوُوا / المصطفى ولد أحمد معاوية
لمصلحة منْ يلهث البعض من هواة التدوين خلف نشر شائعات الإفك مجانبا توخى الحقيقة متناسيا أن هذا وطنه و هؤلاء بنو جلدته و حريّ بهم أن تحترم مشاعرهم و ينعموا بالسكينة و راحة البال لا أن ينغص عليهم حياتهم ببث الدعايات السوداء و تفنيد الحقائق ؛تَمَتْرسا وراء معارضة النظام ،فأي معارضة تلك التى لا تحسب حسابا لحجم المواجهة التى تخوض غمارها حكومة البلاد بتوجيهات رشيدة و إشراف مباشر من رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني .
ألم تتحرك هذه الحكومة الموقرة بكل قطاعاتها و تستنفر جهودها و تعبئ مواردها الذاتية لمكافحة هذه الجائحة استباقا ؛ فنجحت الإجراءات الاحترازية التى اتخذتها وتغلبت -بفضل الله-فى وقت قياسي على الحالات الأولى من المرض.
رغم ظروف جائحة كوفيد 19 التى عاشها العالم و عشناها فى موريتانيا فإنه لا يمكن لأي مكابر أن يتجاهل انحياز الدولة للمواطن بهدف تجنيبه الآثار المترتبة على الجائحة ؛ و قد تجلى ذلك الانحياز – مثالا لا حصرا – فى :
– استقرار أسعار المواد الغذائية الأولية (أرز -سكر-شاي-زيوت طبخ) ؛
– تموين الأسواق المحلية بالمواد الاستهلاكية بأسعار فى متناول ذوى الدخل المحدود؛
– التدخل الناجح و غير المسبوق للمندوبية العامة “تآزر” لصالح المواطنين المحتاجين فى مختلف مناطق الوطن وهو التدخل المتواصل عبر مختلف برامج المندوبية ؛ تخفيفا لوطأة الظرفية؛
– إنشاء صندوق وطني لمكافحة كوفيد19؛
– تنفيذ استراتيجية وطنية اقتنت بموجبها الحكومة فورا معدات لوجستيكية صحية ملحة للتصدى للفيروس بمافى ذلك إنشاء مستشفيات ميدانية و تخصيص أخرى للحجر.
-نشر الجيش على حدودنا سدا للمعابر .
– السماح لشاحنات التموين لإيصال البضائع لمدن و قرى الداخل ؛ استثناء من حركة النقل التى فرضت الظروف تقييدها و ضبطها ؛
– دعم المنمين بالأعلاف بسعر مدعوم و إيصالها لكل عاصمة بلدية؛
-لأول مرة تتكفل الحكومة بجالياتنا فى الخارج ؛ خاصة الموجودين فى وضعية صعبة .
– جابت الفرق الصحفية من الإعلام الرسمي مختلف المناطق و أمدت هيئاتها بتقارير ميدانية و لقاءات مباشرة عن الوضع فى الداخل؛ مما أعاد ثقة المواطن فى تلك الهيئات؛
– تنظيم حملات التحسيس و التعبئة المواكبة لتوزيع معدات النظافة ؛ وهي حملات ساهمت بشكل كبير فى توعية المواطنين حول الإجراءات الاحترازية التى ينبغى اتخاذها حيال المرض.
فضلا عن ذلك فإن الحكومة لم تدخر أي جهد فى سبيل مكافحة تفشي المرض ؛ وإن كانت هذه مهمتها فإنها لم تتوانَ فى الاضطلاع بها فهي فى الميدان تعالج المرضى و تتكفل بهم و أكثر من ذلك تطمئنهم أنها تقدّر الوضع حق التقدير لكنها تضعه فى نصابه ؛ وهي فى ذلك ليست بدعاً من الدول التى تسلل إليها كوفيد19 ؛ وهي فى أوج طاقاتها الصحية : بُنية و معدات و مصادر بشرية ؛ فوجدت نفسها فى لحظة مفاجئة و قد أساءت التقدير و عجزت عن التدبير ؛ ولم تلبث المصالح الصحية المختصة تطلع المواطنين على مستجدات الجائحة بكل شفافية .
قواتنا المسلحة و قوات أمننا المرابطة على الثغور سدا للثغرات المحتمل استغلالها من المتسللين ؛ تعيش بعيدا عن أفراد أسَرها و تصل ليلها بنهارها بما يتطلبه الأمر من يقظة شديدة و متابعة فطِنة ؛ فهذه القوات تستحق أن ينظر إلى عملها بالتنويه و الإشادة ؛ و أن تحظى بالتقدير المناسب وهي تقوم بعمل جبار استجابة لنداء الوطن ؛ مؤكدة أنها بمستوى المسؤولية الجسيمة و الشاقة التى تم اختيارها لها من طرف القائد الأعلى للقوات المسلحة ؛ رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني .
وهذه الطواقم الصحية التى أبلتْ بلاءً حسنا و ضربت أروع مثال للتضحية بأرواحها و هي تخالط المصابين بالمرض ؛ وهي فى هذه الحال لا تنتظر منا التثبيط و التقليل من شأن دورها المحوري بل على العكس من ذلك فإن من واجبنا الأخلاقي و الوطني أن نشجعهم معترفين له بالجميل لما تبذل من تضحية تستحق الإشادة.
ألا يستوجب منا كل ذلك أن نؤازر حكومتنا بما تتطلبه ظرفية المواجهة مع عدُو متفشٍّ فعلى الجميع كل من موقعه : علماء؛ أئمة ؛ قادة رأي ؛ وجهاء ؛ صحافة و نشطاء مجتمع مدني أن يثبت تعلقه بهذا الوطن من خلال المشاركة الفعالة فى هذه الحرب التى سنكسبها لا محالة، وتعود الأمور -بحول الله- لسابق عهدها و ننعم بالصحة والعافية .
غير أن العقلية التى نعيش بها -للأسف- تهيؤ الأجواء لتفشي الأمراض المُعدية أيا كانت؛ يستوى فى ذلك منا المثقف الذى يعيش انفصاما مزمنا و الأمي المكبل بالقصور الذهني ؛ فنحن نعيش الاختلاط بشتى أشكاله و عاداتنا خارجة على المدنية أينما حللنا : نشرب سويا ؛ نأكل سويا ؛ نركب سويا و ربما ننام سويا ؛ لا ضير عندنا فى تقاسم المشترك مهما كلف ذلك ؛ و إذا التقينا ولم نتصافح ( حتى فى مثل هذه الظروف) يحمل بعضنا ذلك السلوك على التكبر و ممارسة الفوقية و ربما عدم الاحترام .
ليس هذا جلدا للذات بقدر ما هو تذكير بأننا نساهم عن دراية فى تفشي الأمراض المعدية ؛ و بالتالى نضاعف من مهمة الدولة فى الحفاظ على صحة المواطن و نستبعد التوعية و التحسيس بل قد لا تأخذ من وقتنا الكثير ولربما جاد البعض بأدلة لم يستوعب معانيها حول التوكل و ترك الأخذ بالأسباب وتلك معضلة الهدف منها تسفيه كل سلوك مدني يمكن أن يسهم فى الحد من انتشار المرض.
إننا نعيش لحظة تستدعى من الجميع رص للصفوف و مساندة العمل الحكومي الموجه بالدرجة الأولى حاليا لدحر هذا الوباء المتفشي بضراوة تتطلب مزيدا من روح الوطنية و الولاء للوطن .
إن تداول المعلومات المضللة و تلك غير الموثقة عن تفشي المرض بهدف “حظوة الإطلاع” أو بهدف بث الهلع بين صفوف المواطنين فى هذه الظرفية الحرجة؛ و محاولة تشتيت المجهود الحكومي؛ يفرض على السلطات العمومية المختصة تفعيل القوانين الرادعة فى هذه المجال تكييفا لمثل هذا السلوك فى أبشع درجات الجريمة السبرانية .
آن لهواة التدوين أن يرعووا ويثوبوا إلى رشدهم ؛ توبة نصوحا إلى الله قبل أن يغادرنا هذا الشهر الكريم شاهدا عليهم كما شهدت عليهم ألسنتهم و أقلامهم بما يقترفون.