اغتنموا الفرصة وتحاوروا فهدفكم واحد / الهيبة ولد سيد الخير
يعود ضعف المنظومة التربوية، حسب اعتقادي لحدثين مترابطين: الأول منهما هو تبني مسار الليبرالية المتوحشة الذي انعكس بشكل رئيسي بتدني العملة والذي تضرر منه الطاقم التربوي بشكل كبير، وخوصصة العملية التربوية، اما الثاني فهو اتباع المسار الديموقراطي، حيث أصبح القطاع أداة تحكم وكعكة لشراء الذمم واكتساب الولاءات، لأغراض انتخابية بحتة، وخلال سنوات قليلة لم تعد هنالك ضوابط ولا قيم تربوية ولا اعراف ولا محظورات، حيث لم يعد بالإمكان التعرف على ملامح المؤسسة التربوية لأنها مُسخت ببساطة.
تواصل ترنح المنظومة الي ان قررت حكومة المرحوم سيدي ولد الشيخ عبد الله انتشالها، واعطت كل الصلاحيات الضرورية لذلك لوزيرة التهذيب السيدة نبقوها بنت محمد فال، والتي قامت بخطوات جريئة وغير مسبوقة من اجل اصلاح ناجع، وقد تعرضت لضغوط هائلة الا ان الإرادة السياسية حينها كانت حازمة علي الأقل في هذا الشأن.
نجح أعداء الإصلاح نجحوا في ارباك المسار وكان ذلك للأسف عن طريق بعض نقابات الأساتذة التي انخرطت في تلك الجهود بحسن النية طبعا، ولا شك ان ذلك عائد في الأساس لسوء الفهم وغياب المرونة لدي الوزارة.
فشلت جهود الإصلاح واستمر تدهور المنظومة الي ان قررت الحكومة الحالية اطلاق برنامج شامل يسعي لانتشال المنظومة ،لكن للأسف يتكرر نفس السيناريو السابق، لكن هذه المرة يأتي الدور علي نقابات المعلمين، لا يخامرني الشك اطلاقا في حسن نية تلك النقابات وحرصها علي نجاح جهود الإصلاح، كما اني متأكد تماما من صدق نوايا الوزارة وسعيها لإنجاح خطة الإصلاح ،لكن ضعف التواصل وعدم تعزيز الثقة بين الطرفين ساهما في خلق جو من التوتر انعكس سلبا علي قدرة الطرفين علي التعاون والشراكة.
لا شك ان المعلمين سيحسون بالمرارة عندما تبدأ جهود الإصلاح بتقييم يعتبرون انه يحملهم وحدهم سبب فشل القطاع ،ولا يُقيم وزنا لتضحياتهم ،كما انه قد ينعكس سلبا على المسار الوظيفي لبعضهم علي الأقل ،لذلك يرون ان من واجبهم التعاضد والتلاحم للدفاع عن مصالحهم، ولا شك ان هذه المخاوف المبررة تم تضخيمها من طرف أعداء الإصلاح، كما ان الوزارة لم تقم بما يكفي لشرح مضامين ومسوغات وانعكاسات هذه الخطوة ،وبالتالي فان المربع الفارغ يشغله المتربصون والانتهازيون عادة.
يعود سبب اختيار المعلمين في الخطوة الاولي في اعتقادي الي عدم امتلاك بعضهم لشهادة الباكالوريا وهي الضامن الوحيد اليوم لمستوي مقبول ،فما قبلها يمكن الحصول عليه دون جهد يذكر وبطرق معروفة ،كما ان عمليات الاكتتاب في السابق شهدت فوضي عارمة ،لذلك كان من الضروري معرفة مكامن الضعف من اجل اطلاق برنامج لتعزيز المهارات وبناء القدرات لتلك الفئة ،فهم في النهاية موظفون ويملكون اعتمادات مالية وتحميهم القوانين.
لقد تكرر هذا السياناريو في السابق، حيث تم سبر قدرات أساتذة التكوين المهني، خصوصا ان بعضهم اكتتب بنفس شهادات المعلمين وبنفس ظروف الاكتتاب، لكن النتيجة انهم استفادوا جميعا من دورات تكوينية في الخارج.
ادعو من هذا المنبر اخوتي المعلمين واطقم الوزارة الي التحاور والتشاور، فالهدف واحد، والسفينة واحدة، والنية الصادقة هي التي تحرك كلا الطرفين.