بين السياسة و السخرية من المسؤول و أخطاء البروتوكول…
تانيد ميديا : لا بأسَ في السياسة من السخرية من الأشخاص. وخِلاف ذلك هو الأصل في مجال الأفكار. لأنّ مقام السياسة المسؤولية؛ ومقام الأفكار الوجاهة. في الفكر نلعَب الأفكار؛ وفي السياسة نلعب الأشخاص.
محاججات الساسة الأبدية هي أنّ بعضَهم لا يُحسِن الخطاب، أو أنّه غير كفوء، أو أنّ فِكرته غبيّة، أو أنّه خرِف، أو حان تقاعُده ومحاسبتُه، أو أنّه يرتِكب أخطاءً ابتدائية في اللغة والمنطِق (كأن ينسى خطابِه؛ ويظهر دوماً مرتبِكاً؛ وتأخُذه رعشة المسرَح (stage fright)؛ ويفشَل في صياغة فكرة بسيطة؛ ويبدو منقطِعاً عن فهم وتحليل مشاكل الدولة؛ ويفشَل في الارتجال وملأ الفراغات الخطابية؛ وغيرها من الأخطاء الابتدائية للخطباء، التي يُعابُ بها الرؤساء، المفترض أنّ خطابتهم هي ما أوصلَهم للحُكم. أضِف لذلك أخطاءه البروتوكولية الجمّة التي تظهِره هاوياً، لا متمرّساً، وسياسته غير الديمقراطية في الاحتجاب عن الشعب والنكث في الوعود، والاشتباه في استغلاله للنفوذ وتوزيعه للثروة إلخ).
يُنتقَد الساسة حتّى بسكناتِهم وحرَكاتِهم وتهيؤاتهم وتمظهراتِهم. وهي أشياء ليست، بالضرورة، مهمة في نقد الأفكار. لأنّ هدف السياسة النظر في أهلية الناطِقين؛ وهدف الأفكار النظر في أهلية المنطِق. تقوم الأفكار على المعالي، على جبل الأولومب. وتقوم السياسة الحوادِث، في جحيم هايدي. الأفكار قائمة على التشخيص، والسياسة قائمة على الشخصنة. الأفكار قائمة في الملكوت؛ والسياسة مستقِرّة في الناسوت. السياسة قائمة على مبدأ “المنافَرة” ومبدأ “التحكيم”، وهو أنّ “فلاناً لا يصلُح لشيء؛ وأنا أصلُح له”.
فلتسقُط، إذاً، دماثة المضارب والعشائر، التي تقوم على اللملمة تحت السجاد، وستر الطابق، وقتل السياسي. وليتبارك، إذاً، النقد السياسي. وطوبى للإشارة بالأصبع.