تمكن المنتخب الموريتانى لكرة القدم من حسم معركة التأهل لنهائيات أمم افريقيا (الكوديفوار2023) بجدارة مساء اليوم السبت 9 سبتمبر 2023، بعدما روض أفيال الغابون فى ملعب شيخا ولد بيديا، وحافظ على صدارته لمجموعة الموت بفارق مريح عن أقرب مطارديه.
المنتخب دخل المواجهة الأخيرة، وهو مثقل بالهموم بسبب ظلم لجنة العقوبات بالكاف، وتآمر الجوار الإقليمي، لكن بهمة عالية، غير مكتف بالتعادل الذى يسمح له بالمرور نحو الحلم الإفريقي، فى حالة تعثر السودان، وهو ماظهر جليا فى حماس لاعبيه منذ صفارة الإنطلاقة إلى غاية انتهاء الشوط الثانى والأخير.
كان الإعداد للمواجهة بحجم المطلوب، وكانت الفرص المتاحة أمام المدرب كبيرة، بحكم المحترفين فى الخارج والدورى المحلى الذى أظهر لاعبوه علو كعبه وجدارتهم بالتمثيل، رغم حملات التشويه والسخرية العابرة لكل القيم والأعراف.
كان الإنتقاء وفق مايحقق الأهداف المرسومة من قبل الكادر التأطيري، فلاتدخل من رئيس الإتحادية ولامحاباة لأي لاعب، ولامكان فى التشكلة لغير جاهز، ولا إقصاء لأي قادر على خوض المعركة المصيرية، ليس للمنتخب وحده بل للأمة الموريتانية، وهو ما أثمر تشكلة متجانسة، ومتوازنة الخطوط.
ألغى المهاجم حميه ولد الطنجى سفره إلى ليبيا، أو أجل الإلتحاق بناديه الجديد على الأصح فى انتظار معركة شيخا ولد بيديا، وتوافد أصدقاء بوبكر كمرا من مجمل الدوريات الأوربية والعربية لخوض ملحمة يراد لها أن تبرهن بجلاء على تطور الكرة الموريتانية، وإستقرار النتائج، كما أستقر الطاقم الإداري بدعم غير مسبوق من صناع القرار داخل الكرة المحلية وخارجها، تشجيعا للإنجاز، وتثمينا للدور المقام به.
خارج الملعب وداخله كانت التعليمات واضحة للأجهزة الأمنية بضبط إيقاع الآلاف الذين توجهوا منذ ساعات الصباح الأولى إلى محيط ملعب شيخا ولد بيديا، وتسهيل عمل الطواقم الأمنية التابعة للإتحادية داخل محيط الملعب، بينما أرسلت الحماية المدنية فريقها المكلف بالطوارئ، وزج جهاز أمن الطرق بوحدة إلى جانب وحدات الشرطة المرابطة داخل الملعب وخارجه.
كانت البوابات مشرعة دون زحام كبير، وكانت النقاط المتقدمة فرصة لتخفيف الضغط على بوابات الملعب مع تفتيش المشجعين، وعزل الأفراد الذين يشتبه فى جنوحهم أو لديهم سوابق عدلية، بحكم معرفة بعض الطواقم الأمنية بأغلب الجانحين فى العاصمة نواكشوط وكبريات المدن.
فى الداخل لم يختلف المشهد الإفتراضي عن الواقعى،فقد توافد الشباب من مختلف الأعمار على محلات العرض المحتملة للمباراة، وكانت مدن رئيسية كالنعمة وتمبدغه وأعوينات أزبل ولعيون وكيفه ونواذيبو وروصو وأزويرات وأطار وكيهيدي حافلة بالآلاف من المشجعين للمنتخب، الذين يهتفون مع انطلاقة الصافرة، ويرددون الأناشيد ذاتها، ويصرخون مع كل هجمة، ويتفاعلون مع كل فرصة، ويصابون بقلق بالغ كلما خسر المنتخب الكرة، أو ضاعت فرصة كان يمكن التسجيل منها.
لم يمهل القدر منتخب الغابون أكثر من خمس دقائق، ليرتكب حارسه – تحت الضغط- غلطة العمر، بالإجهاز على لاعب المنتخب الوطني حسن أحويبيب دون أن تكون لديه الكرة، كان لحسن الحظ الحكم قريبا من المشهد، فأشهر بطاقته الحمراء، وأبعد الحارس الطائش من ساحة المعركة.
لم يتأثر منتخب الغابون فى البداية بطرد حارسه، وكان قريبا من التسجيل فى أكثر من مناسبة، لكن مهاجم المنتخب الوطني الصاعد حميه ولد الطنجي كان له رأي آخر، لقد أختار أن افتتاح التسجيل عند الدقيقة الثلاثين بهدف من أروع أهدافه الكثيرة، مؤكدا أن سيد ملعب شيخا ولد بيديا بلا منازع، وهو الفائز بهداف الدورى المحلى لأكثر من مرة.
وعند الدقيقة 41 من عمر الشوط الأول صالح بوبكر كمرا جماهيره، وعوض فرصه الضائعة بهدف آخر من أهداف الكبار، وهو ما أشعل المدرج، ودفع بالآلاف من الشبان إلى الخروج من قاعات العرض بالداخل وهم يصرخون بأعلى أصواتهم، وكأن حريقا شب فى المكان.. إنها فرحة التأهل المحتمل فى ظل إستقبال منتخب السودان لهدف هو الآخر فى المباراة التى تجرى بالتزامن مع مباراة موريتانيا والغابون.
كانت المدرجات تهتف ببمنتخب، وكانت المخاوف حاضرة بفعل قوة الخصم،وجاهزية نجومه الكبار، وقد أزداد الخوف مع تسجيل هدف تقليص الفارق فى الدقيقة الأخيرة، لكن إصرار المنتخب على الصمود إلى غاية صفارة النهاية، كان أكثر من رائع، وحسم المعركة بكل قوة لصالح تشكلة أكدت من أول يوم أنها مختلفة بالكامل، وأن تأهلها للكان هذه المرة على رأس مجموعتها، وإصرارها على تصدر المجموعة من أول مواجهة يعكس بجلاء حجم التطور الحاصل فى الكرة الموريتانية، وحجم الآمال المعقود على الإتحاد الحالى بقيادة رئيسه أحمد ولد يحي، الفائز للتو بمأمورية جديدة كنائب لرئيس الكاف، بعد أن فاز بمأمورية ثالثة على رأس الإتحاد بإجماع أهل الإختصاص.