رحلة إفلاس مصرف موريتانيا الجديد….
: أعلن البنك المركزي الموريتاني يوم 8 اغسطس 2023 عن البدء في التصفية القضائية لمصرف موريتانيا الجديد بموجب حكم صادر عن القضاء.
وكان البنك يتخبط في الكثير من المشاكل وسوء التسيير أدي الي سحب ترخيصه من طرف البنك المركزي في شهر يوليو الماضي بعد ثلاث سنوات من استحواذ شركة Westbridge Mortgage REIT وهي شركة مسجلة فى كندا وتقول بأنها متخصصة فى التمويل العقاري على المصرف في صفقة أثير حولها الكثير من الجدل والشكوك حول مدى القدرة المالية للملاك الجدد على انقاذ البنك والاستثمار فيه بالنظر الي تجربتهم السابقة مع مصرف في ساحل العاج. وهو ما حصل مع المصرف الموريتاني بعد ثلاث سنوات من تسليم البنك المركزي الموريتاني للمصرف على طبق من ذهب لهذه الشركة.
ويخشى الكثير من المودعين من أن يؤدي قرار التصفية الى ضياع ودائعهم لدى المصرف.
تأسس مصرف موريتانيا الجديد NBM عام 2014 من طرف مجموعة من رجال الاعمال وفي سنة 2016 نشات خلافات داخلية بين المساهمين ادت الى انسحاب رجلي الأعمال زين العابدين ولعمر ولد ودادي ليفتتح كل منهما بنكه الخاص وكان انسحابهما وديا مقابل مبالغ تم الاتفاق عليها من جميع الأطراف.
بعد ذلك انفرد عبد الباقي بتسيير البنك كمدير عام ورئيس مجلس ادارة وتم اقتراض مليارات الأوقية من بنك الايداع والتنمية والبنك المركزي وملايين الدولارات من البنوك الخارجية، مع تسهيلات كبيرة من طرف الخزينة العامة بلغت مليارات الاوقية، غير ان هذه الأموال تم سحبها عن طريق شركات وهمية أسست لذلك الغرض مما ادي الي تفاقم العجز والتدهور المالي وهو ما دفع البنك المركزي كجهة وصية على القطاع المصرفي الي التدخل بعد ارتفاع اصوات المودعين البسطاء وتجمهرهم اليومي داخل وخارج المصرف مما أدي أحيانا إلي منع الرئيس والعمال من الدخول إلي مكاتبهم . وتم اعتقال المدير العام للبنك عبد الباقي ولد احمد بوها والمساهم الرئيسي لمام ولد اينه. وتم توجيه الاتهام لهما بسوء تسيير البنك والتسبب في ضياع الودائع وبعدها تم الافراج عنهما بحرية مؤقتة العام الماضي مقابل كفالة مالية.
صفقة البيع المثيرة
في يونيو 2020 وقع البنك المركزي الموريتاني اتفاقا مع شركة Westbridge Mortgage REIT وهي شركة مسجلة فى كندا وتقول بأنها متخصصة فى التمويل العقاري. يبيعها بموجبه مصرف موريتانيا الجديد المتعثر منذ اكثر من سنة.
واعتبر محافظ البنك المركزي الموريتاني وقتها، الشيخ الكبير، فى حفل التوقيع على الصفقة فى نواكشوط، ان دخول هذه الشركة فى موريتانيا “علامة على الثقة المتزايدة فى النظام المالي الموريتاني، فى وقت تستعد فيه البلاد لمرحلة من التنمية الاقتصادية غير المسبوقة مع استغلال حقول الغاز فى تورتي احمييم”.
لكن هذه الشركة التى تم الاحتفاء بها فى نواكشوط بل واعتبارها دليلا على مصداقية النظام المالي الموريتاني، قد سبق وتم طردها قبل أشهر من ساحل العاج واستعادت الحكومة الإيفوارية بنك الإسكان الذي سبق لها وباعت نسبة 51% من اسهمه لهذه الشركة مقابل الوعود باستثمارات مالية كبيرة فى المجال العقاري.
ومن خلال اجراء بحث سريع على الانترنت عن شركة Westbridge Mortgage REIT كل ما يظهر عن الشركة هو أنباء فى صحف ايفوارية وافريقية حول استحواذها على بنك الإسكان وطردها منه فيما بعد من طرف حكومة ابيدجان. كما يظهر موقع إلكتروني باسم الشركة ولا يحتوى على اَية معلومات عن نشاط الشركة او مشاريعها، وكل ما يحتويه هو اسماء أشخاص وعناوينهم الالكترونية ورقم الهاتف الشخصي لمديرها التنفيذي ج.د. ديابيرا. كما توجد على تويتر صفحة باسم ديابيرا وتحمل شعار الشركة ومفتوحة حديثا.
المفاوضات بين البنك المركزي والشركة الكندية بدأت في شهر فبراير 2020، واطلعت الشركة البنك المركزي على روايتها لتفاصيل خلافها مع الحكومة الايفوارية الذي انتهى بتأميم ابيدجان لبنك الإسكان الذي كانت تستحوذ على أغلبية اسهمه.
فهل قام البنك المركزي الموريتاني وقتها بما يكفي من التحريات حول الشريك المالي الجديد وتجربته مع ساحل العاج، وايضا مدى قدرته المالية على الوفاء بالتزاماته الاستثمارية فى موريتانيا؟ وهل تواصل البنك المركزي مع الحكومة الايفوارية للاطلاع على ملابسات نزاعها مع هذه الشركة قبل ان يبيع لها مصرف موريتانيا الجديد؟
التجربة الايفوارية مع Westbridge
فى شهر يناير 2018 وقعت حكومة ساحل العاج مع شركة Westbridge Mortgage REI المتخصصة فى التمويل العقاري على بيعها نسبة 51% من اسهم بنك الإسكان الإيفواري.
وفى 13 نوفمبر 2019 اعلنت الحكومة الايفوارية عن إلغاء عملية بيع البنك لصالح الشركة الكندية حيث تتهمها الحكومة بعدم القدرة على ضخ أموال جديدة فى المصرف وسوء الادارة.
وأصدر ت السلطات الإيفوارية قرارا بمنع عناصر الشركة الكندية من الولوج الى مكاتب البنك او الاطلاع على معاملاته المالية او المعلومات المصرفية الخاصة به.
وقامت شركة Westbridge Mortgage REI برفع دعوى قضائية ضد الحكومة الايفوارية يوم 26 نوفمبر 2019 امام مركز تسوية النزاعات المتعلقة بالاستثمار (CIRD) التابع للبنك الدولي فى واشنطن.