مزيد من الردود الغــاضبة على تقريــر لجنة حقوق الإنسان(تــدوينات)
تانيد ميديا : في اطار ردود الفعل على تقرير اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان ،كتب بعض القضاة تدوينات تناولت التقرير في محوره المتعلق بالعدالة وابدوا بعض الملاحظات حول ماجاء فيه من معلومات :
القاضي/ أحمد عبد الله المصطفى -وكيل الجمهورية بمحكمة نواكشوط الغربية:
الإسْرَاعُ إلَى القُضَاة..
أول من تولى القضاء في الإسلام نَبِيُّه محمد صلى الله عليه وسلم، بعهد من الله تعالى: “إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما”/ الآية..
ثبت في الآثار الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم، في المدينة المنورة، بين مجتمع الصحابة رضوان الله عليهم، حكم في نزاع بين الزبير بن العوام، ورجل بدري من الأنصار، فقال الأنصاري لما سمع الحكم، مخاطبا النبي صلى الله عليه وسلم: “أن كان ابن عمتك”، أي حكمتَ لصالحه لأنه ابن عمتك..
وفي حضرة قول الأنصاري البدري، للنبي صلى الله عليه وسلم بسبب القضاء، لا ضرورة لإيراد مقولة ذي الخويصرة التميمي، بعقب غزوة حنين..
في صحيح البخاري أن عيينة بن حصن دخل على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله، فخاطبه قائلا: “هِي يا ابن الخطاب! فو الله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم فينا بالعدل”..
في الصحيح أيضا أن عدو الله فيروز الديلمي، اتهم عمر رضي الله عنه في عدله، أياما قليلة قبل اغتياله له، في قضية رفعها إليه ضد مولاه المغيرة بن شعبة، حين لم يكن الحكم لصالحه، فقال له في وجهه: “وسع الناسَ كلهم عدلُك غيري”..
لم ينعم عمر رضي الله عنه بحب الناس له في حياته، مع عدله، كما يتوهم البعض، فكان يقول: “ما ترك لي الحق صاحبا”، إنما جاء الإنصاف بعد الموت، وانقطاع أسباب المنافرة..
في شكاية جماعات من أهل الكوفة ضد سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال قائلهم: إن سعدا لا يسير في السرية، ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل في القضية..
إمام التابعين قاضي الكوفة عامر بن شراحيل الشَّعبي، رضي الله عنه، عُرف بالعلم والحزم والعدل والفضل، رُفعت إليه قضية بين امرأة وزوجها، فلما صدر الحكم لصالح المرأة، قال الرجل من أبيات:
فُتن الشَّعبي لما :: رفع الطرف إليها
حين ولت بدلال :: ثم هزت منكبيها
فتنته بقوام :: وبخطي حاجبيها
وبنان كالمداري :: وبحسن مقلتيها
فقضى جورا علينا :: ثم لم يقض عليها..
انتشرت الأبيات على ألسنة الوُلاة والأمراء، وجميع الناس، حتى غنَّاها الأطفال، وبقي الشَّعبي رضي الله عنه تابعيا جليلا، من خيرة قضاة الإسلام، والقصة بتفاصيل متعددة في كتب الأدب والتراجم الموثوقة، وأشار إليها الذهبي في سير أعلام النبلاء..
كان القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله من أعلم وأعدل قضاة زمانه، وفضلا عن ذلك شيد من ماله الخاص سورا على مدينة اشببيلة لحمايتها من الأعداء، فكافأه الناس بالشغب عليه، فأمسى منهوب الدار، ولولا ما سبق من حسن المقدار لكان قتيل الدار/ كما قال هو في كتابه العواصم من القواصم..(صفحة 297 ـ طبعة الكتاب الكاملة/ دار التراث)..
عاش العلامة الشاعر غالي ولد المختار فال ولد أحمد تلمود البوصادي رحمه الله، تقريبا في الحقبة الزمنية بين 1190 ـ 1240 هجرية، 1776 ـ 1825 ميلادية..
عاش في هذه الحقبة جَمْع من أعيان قضاة هذه البلاد، ننظر إليهم جميعا الآن كسلف صالح، وهم كذلك إن شاء الله، لكن معاصرهم العلامة غالي ولد المختار فال خلَّد فيهم قوله:
إلى رافع الشكوى رفعنا يد الشكوى :: مِنَ أقضية بالجور عمت بها البلوى
قضاء قضاة جامحات نفوسهم :: عن الحق، لا يقضون إلا بما تهوى
تصدر للإفتاء والحكم منهمُ :: مجانين لا يدرون ما الحكم والفتوى
إذا لاح وجه الحكم بالحق أعرضوا :: جنوحا لراشيهم وإن ناقضت دعوى
فعوذا بوجه الله مما أصابهم :: وويل لهم إن الجحيم هِيَ المأوى
ألا فارتشوا ما شئتمُ، إن حسبكم :: جهنم إذ تصلونها لكُم مثوى
ففيها رحى يوم القضاء معدة :: لتشديخ هام الحاكمين بلا تقوى../ أ هـ..
في أحد قضاة السلف الصالح، من أهل هذه البلاد، قال الشاعر الحساني المتقدم هاجيا بسخرية:
قَاضِ فَـ “الدَّشْرَ” مُرَتَّبْ :: گَالْ أعْلَنُّ شَافْ افْلَكْتُوبْ
ألِّ جَابْ الْفَظَّ يَغْلَبْ :: وُلْمَجَابْ الْفَظَّ مَغْلُوبْ..
يَكْره بعض المتقدمين من الفقهاء للقضاة إمامة الصلاة في أماكن قضائهم، خشية الوقوع تحت وعيد حديث: “من أمَّ قوما وهم له كارهون”، لما جُبل عليه الناس من كره قضاتهم، وكان بُغْضُ الناس للقضاة مما يمدح به القضاة..
قال عيينة بن حصن كلامه السابق لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بحضرة ابن أخيه الحُر بن قيس وكان من القراء الذين يدينهم عمر، وغضب عمر من كلام عيينة وهَمَّ أن يوقع به، قال له الحُر: إن الله تعالى قال: “خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين”، وإن هذا من الجاهلين، فتلاها عمر وتوقف..
الإسراع إلى القضاة قديم، وعلى قضاة الضرورة، في آخر الزمان استصحاب ذلك..
القاضي/ محمد الشيخ -نائب وكيل الجمهورية بمحكمة نواكشوط الشمالية
تحميل تقرير اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان سلطة القضاء دون غيرها من السلط المسؤولية عن حقوق الإنسان في البلد مستغرب، وينبئ عن تحامل بين على هذه السلطة، التي تصارع بنية اجتماعية تليدة ، وواقعا غاية في التعقيد، لا أقول إنه ليس هناك ما يمكن نقده، ولكن توجيه السهام إلى هذه السلطة بأشخاصها ومرافقها المختلفة دون غيرهم – رغم مايبذلونه من جهود – ، مخيب للآمال، ويظهر أن لمن أعد التقرير بعض الأغراض، فقد اتضح أنه باللجنة من لم يستوعب بعد خصوصيات السلطة القضائية وما لها من علاقة تكاملية مع كل من السلطتين التنفيذية والتشريعية ، كما أن عدم قدرة التقرير على بلورة كينونية وعالمية وشمولية الحقوق التي يحاول رصد الخروقات بشأنها، فيه قصور لكفاءة من أعده في فهم حقوق الإنسان، ومن يتحمل المسؤولية عنها ، فكل حقوق الإنسان تجب صيانتها، وجميع السلط مسؤولة عن هذه الصيانة، فما الذي يا ترى جعل اللجنة تختار سلطة القضاء دون غيرها لتمرير تقريرها ؟
القاضي/ محمد فال محمد حرمة /مستشار باستئنافية نواكشوط
#عن التقرير
تقرير لجنة حقوق الانسان عن القضاء يتضمن حقائق وغير ذلك وهو في جوهره يمكن اعتباره فقط تقرير محام صاحب مصالح ومآخذ شخصية على أفراد من القضاة أكثر منه تقريرًا لمؤسسة دستورية تعنى بحقوق الانسان.
القاضي /محمد أحمد ببكر -رئيس محكمة وامبو -:
#أتحفظ على تقرير لجنة حقوق الانسان لنيله من السلطة القضائية #
عن إصلاح العدالة سالت أودية بقدرها؛ فاحتمل السيل زبدا رابيا من المقترحات المقنعة بمايوحي فساد القضاة. كتب عن ذلك أشخاص خبروا قطاع العدل وساروا في أروقته سنين عديدة ولم يسيروا به.
لكأن قطاع العدل ذلك القطاع المنسي أي هو الجسد الآدمي الذي مضى عليه حين من الدهر يعجب المارون من حوله لحاله؛ يوم كان جثة هامدة لا ينتظر شانئوها منها أن تستهل بصرخة حتى يقسم لها. ولما قيض الله له دفعات نفضت عنه غبار تربة نبت فبها من غير سقي فأصبح كالذي استهوته ا الشياطين في الارض حيران له أصحاب يدعونه الى الهدى إيتنا!.
ترى ماالذي ينقمه العاملون في حقل العدالة من شخص القاضي؟ أيكبر في أنفسهم أن ينال القضاة منابهم من بيت المال ورمزية الدولة التي يشكل القضاء فصلا مستقلا من دستورها وماكان ينبغي أن يقاس بالفروع في قسيمة الدستور ؟.
إن أولى الناس بالحنية على العدالة كقطاع وعلى القاضي كموظف ذي طبيعة خاصة هو الصاحب بالجنب أعني عون القاضي.
ينبغي أن ينظر بعين الاجلال الى السلطة القضائية التي هي الضامن الوحيد لحرية الافراد ومرجعهم عند الخلاف لا أن يحط – على مر عقود خلت ولربما أخرى تلي _ من شأنها ترضية لضرتيها السلطة التنفيذية وصنوانها التشريعية.
نعم، القضاة أشخاص ليسوا معصومين لكنهم عصاميون، لأنهم والتاريخ والواقع يشهدان على مايبلونه من بلاء حسن في سبيل تمكين العدالة بالتعفف والصبر على لأواء العمل في ظروف قاسية وبإمكانات بدائية. فهم من يبرمون عقود الماء والكهرباء وإجار المقر والتنقل وحتى نقل المعدات على أمل أن تتحرك الجهة المعنية في مرحلة ما- إن حصل ذلك،ولحد الساعة مازل القضاة يقتطعون من ميزانية محاكمهم تعويضا لحارس وآخر لبواب وأحيانا لرجال يؤمنون جلسة الحكم… ناهيكم عن سعي القضاة وبمجهوداتهم الخاصة عن منزل للسكن أومركب يقيهم من حساسية الاحتكاك وضياع الهيبة حين يقاس حال هؤلاء بأولئك الموظفين الذين يأتون لمكاتبهم وقد تم تأمين كل شيء ومع عجزهم عن ترك بصمة في الوقت بدل الضائع يلقون باللوم على شخص القاضي، فهو في نظرهم ليس إلا متسيبا وعديم الكفاءة .
لاشك أن هناك تحسنا آخذا في التشكل وإن كان بطيئا ورتيبا. فالعلاوة الواحدة قد لايتم إقرار أجزائها الا خلال مأموريتن أو ثلاث، ناهيكم عن أن تستحدث للقضاة مكافئات أو تحفيزات بقدرما أحدثها موظفون أو أحدثت لموظفي القطاعات الأخرى.
أما ان يكون للقاضي علاة استثنائية تراعي طبيعة العمل وخطورة التحدى وحجم العوائق فذاك أمر لما يكتب له الحدوث ويكتب عنه حديث كعلاة الاذعان التي من حق الموظف الممنوع من الاضراب جراء مايخسره من حق نتيجة حرمانه من وسيلة الاضراب.
أما من الناحية التطبيقية فالقضاة يجرون يوميا ألا ف العمليات القيسرية لاستخراج معطى سليم من ناحية الصنعة ومقبول من ناحية الحس القانوني، لأن النصوص تولد من رحم الاقتصاد والدبلومسية يتم تمريرها بالاصطفاف السياسي الذي لايراعي حرمة المبدأ ولاضرورة الغاية من التشريع. ولذلك بين النصوص المنظمة لمجال واحد كثير من التنافر لكونها استنساخ ارتجالي لخليط من التصورات ذات الابعاد الفلسفية والفكرية المتباينة…ولو لا أن في التمثيل بذكر بعض النصوص والتعديلات تعريض بأعيان لاستعرضناها.
لقد لاحظت أن الملتقيات التي يحضرها القضاة الهدف منها أن يتبنى القاضي مفهوم الإدارة للقانون وهنا الطامة الكبرى حيث يتخلق الانطباع القاضي يعدم كفاءة رجل القضاء.
*على من كان سببا في تعطل مصالح المواطنين سواء تعلق الامر بسن تشريعات مرتجلة أو بإهمال لتقديم خدمة أن لا يلقي باللوم على شخص القاضي. إن محاولة إقحام القضاء في ما ليس سببا فيه مماهو من الجهات الاخرى مجرد سفسطة واضحة البواعث وواضحة المآخذ ولاتصلح للتبرير!