في ذكرى يوم 25 لإفريقا، وهي لم تتحرر بعد…
تانيد ميديا : شكرا للصديق، و الكاتب الكبير شيخنا محمد سلطان، وهو من اصحاب الأقلام السياسية الواعية، وقد عودنا على طلعته الشامخة في المناسبات التي لا يفوتها، ويذكرنا بتقصيرنا الذي لا ينفعنا اللحاق في الخلف، بمثل هذا التعقيب المستنير بما جاء في مقاله – شيخنا – والأصعب في الأمر، استحالة الخروج على افكار الزميل في هذا المقال الجميل الذي جاء لإحياء هذه المناسبة التي يجب استحضارها بالاقلام الوطنية والقومية معا …
فاحياء الذاكرة الحية التي استنارت بنفوذ بتلك القيادات التاريخية من رموز النضال العربي،والافريقي.. هو واجب، وما أكثرها من الواجبات الوطنية، والقومية التي اهملتها الأقلام الوطنية، اما انبطاحا،، او هزيمة نفسية جراء اليأس من تغيير الحال حتى على اللاشيء،، وهذا لا يبرر السكوت بأي حال من الأحوال..
ان ذكرى ٢٥ يونيو، لحظة تاريخية، تستحق منا استرجاع تلك البدايات التي اسست لعصر جديد، بفجره الوضاء الذي أشرق على القارة السمراء التي وضعت قطيعة مع التاريخ السلبي الذي تمثل بسلبيات غياب الوعي طيلة ثلاثة قرون من الاحتلال الامبريالي البغيض، عانى الوطن العربي، والافريقي فيهما الكثير من المآسي، و القتل، والاستعباد، والتفقير، والاستغلال، وتدمير المدائن التي صارت أثرا بعد عين..
وعلى الرغم من ذلك فلن أجاري تلك الأقلام التي تنكرت لنضال الاجداد الذي تترائى معالمه، والا ما كانت مدائننا التاريخية اكواما من الاحجار،،وان دل ذلك على شيء ، فهو تأكيد مظاهر المواجهة، والتضحية، والفداء، ولو أنها مواجهات غير متكافئة، حيث واجهت مجتمعاتنا احتلالات، ونهبا استعماريا، كان مسؤولا عن تخلفنا السياسي، والثقافي، والاجتماعي، والحضاري..
ولسوء حظ بلادنا، أنها كانت أول الاقطار العربية، والافريقية التي واجهت الاستعمار البرتغالي المجرم الذي جمع بين دوافع الثأر ، والاطماع معا اللذين بررت بهما المجتمعات الأوربية خروجها من عصور الاقطاع، والتخلف الحضاري…
وكان الثأر من عصر المراطين، ووقائعه التاريخية العظيمة التي أخرت النفوذ الاستعماري فيما اسموه ” حروب الاسترداد” فأنتم بحروب الاستعمار مع نهاية عصر الموحدين الذين قضوا – بقصور نظرهم، وعصبيتهم ضد المرابطين – على قوة العرب، والمسلمين في الاندلس نتيجة القضاء على حكم المرابطين..
لذلك استهدفت بلادنا ،ومجتمعها باعتبارهما القاعدة العتيدة التي واجهت حروب الاسترداد، وصدتها منذ بداية عصر المراطين الحافل بالانتصارات المتتالية في معارك خالدة، كان اولها معركة الزلاقة٤٧٤ هجرية.
بينما جاء الثأر الحاقد، والنهب المقيت في بداية القرن السادس عشر، وطال ليل الاستعمار البرتغالي، وتلاه الهولندي في القرن السابع عشر ،حيث اشتدت الصراعات الاستعمارية، فجابت اقطار القارة، كجنوب افريقيا، وتمت السيطرت على راس الرجاء الصالح، وتوغلوا في جنوب افريقيا حتى وصل انغولا وافرقيا الوسطى..والبحر الاحمر، فاحتلت ارتريا، والصموال، وجزاء من السودان و من الحبشة، ولم يكتف المحتل البرتغالي، والهولندي بالقارة الافريقية، وإنما احتلا ميناء “عدن” في اليمن بالاتفاقيات التجارية اولا، ثم بالاحتلال المباشر، كما احتلت عمان، والبحرين، وموانئ الحجاز الجنوبية، كجدة، وغيرها..
كما طال الاحتلال شبه القارة الهندية، حيث بدأ الانجليز في القرن الثامن عشر بحروبهم التي شنوها في القارة واخضعوا الهند، والصين، واندنيسيا…
وكان من جرائم الحداثة الأوروبية أن فكرها السياسي والاجتماعي والقانوني، كان استعماريا، فلم يلجم النهب الامبريالي لفرنسا التي ابتدأت حملاتها الاستعمارية بعد الثورة الفرنسية التي اختزلت مبادئها، وفكرها الانساني في تحرير مواطنيها، وكذلك الأمر بالنسبة للمدارس القانونية الانجليزية، فما كان لقيمة سياسية، او أخلاقية او تحررية لفكر “جون لوك” ولا، جان جاك روسو، احرى افكار مونتسكيو، وهوبز المحافظين..
ونقول، ذلك لأن التاريخ سجل على البرلمان الانجليزي السماح للشركة”الهند الشرقية” المختلطة الانجليزية – الهولندية،، بأن تعلن الحروب دون الرجوع إلى البرلمان الانجليزي،، فدمرت الحضارات، وفككت المجتمعات، ومن ثم قسمتها إلى دويلات، حين بذرت النزعات الطائفية، والدينية، والعرقية،، فكان من الهند باكستان، ومن الأخيرة بنغلدش..
ولما دقت أجراس الوعي الذاتي لدى النخب الثورية التي أوقدت شعلة الوعي الاجتماعي في القرن العشرين، وكان بحق قرن التحرر من المحتل الذي حمل بذور فنائه في احشائه نظرا لافعاله الاجرامية، ونهمه الذي لا حدود له، وكان ذلك إيذانا بظهور قيادات منها الوطني، ولقومي، والاممي، وهي الرموز التاريخية لحركات التحرر التي ابتدأت في الصين مع مطلع القرن العشرين ،ثم الهند في الاربعينات، وفي الوطن العربي في الخمسينات مع الثورة العربية، ثورة ٢٣ من يوليو المجيدة، فارتفعت اعلام التحرر الوطني في القارة الافريقية في الخمسينات والستينات، وانهزم الاستعمار الفرنسي في الجزائر، الا أنه تظاهر بالهزبمة في مواقع اخرى، كبلادنا، وذلك ، لإخماد الثورات في مهدها، فحمل عصاه على كامله خارجا، ذليلا، ليعاود الكرة تحت مسميات اخرى، كالاستعمار الجديد، بوكلائه الأذلاء الذين يمارس عليهم الاخضاع، والتركيع، والتنكيل تارة بالانقلابات الهزلية التي اكتوت بنتائجها الأوطان والمواطنين معا..
ولا زال الراكعون – من القادة الافارقة – لغير الله الواحد الأحد، يسبحون خاشعين، يكاد المصلي منهم أن يسقبل “الأليزي” بدلا من الكعبة في صلاته صباح مساء..
واليوم حيث تمر هذه المناسبة التي تعيد للافارقة ذاكرتهم الحية، استنطاقا للتاريخ المعاصر، واستخلاصا للعبر من سجلات النضال، وانتهاجا لخط القيادات العظيمة للأمتين العربية، والافريقية اللتين كانت لهما قيادات، قل أن يجود التاريخ بمثلها، الا إذا انتصر خط النضال، على خط الاستسلام، والانبطاح..
وعسانا ان نكون من القوميين في موريتانيا، اول من يئد تحت رمالنا خط التبعية، والاستسلام، ونواجه رموز الانبطاح،، “زادنا العزم والإباء”، و ان نتزود بتراثنا الفكري الثوري سلاحا مضاء، لتوجيه الرأي العام..
كما أن ذاكرتنا التاريخية ملآى بقيم النهضة التي أسس بها المرابطون لشخصيتنا، وهويتنا الحضارية، وهي بمثابة رافعة للهمم، موجودة القول: للمواطنين، وللاخوة الافارقة، أن لا مستحيل اذا القناعات، تسلحت بالايمان بالله، وبقدرتنا على توجيه الوعي العام..
وما ذلك على الله بعزيز..
إشيبو ولد أباتي
وكالة أخبار نواذيبو