موريتانيا تترنح بين العبودية و العنصرية.. ألم يحن دق ناقوس الخطر؟/ الساموري ولد بي
لا شك ان موريتانيا تشهد تحولا يسير بها نحو منعطف خطير ، يبعدها عن مدارها ويدخلها فى واد من الاوحال الصعب تجاوزه .
المعروف ان موريتانيا دولة متشعبة الاعراق و القوميات مثل الكثير من البلدان و لا عيب فى ذلك لكن العيب يكمن فى ما يريد لها البعض ، ان تكون احدى المجموعات الوطنية تهدف لاحتواء الدولة و الانفراد بها و بمقدراتها ( الثروة و السلطة و المصالح )الخ دون الأخريات وابعاد و تهميش البقية تهميشا مطلقا ، الشيء الذى لا يمكن تبريره .
فى هذا الإطار عمد النظام الماسك بزمام الأمور منذ عهد بعيد على تدمير أسس الدولة المدنية الأم و تحييد مفهومها لصالح البنية القبلية التقليدية، لإرساء نظام سياسى ركيزته الأولي، زرع الكراهية و العنصرية و إقصاء كل من له سواد البشرة على هذه الأرض و لو كان افصح اللسان من سيبويه .
◦كنا و مازلنا ننتظر سماع أصوات مرشدي و حكماء و علماء و اصحاب الفكر و الضمائر الحرة فى البلد حول ما يجرى فى بلدنا منذ فترة ليست بالقصيرة لكن هيهاة لم نسمع و لم نرى من هو يلهم و يرشد القائمين على شئن البلد لتصحيح الأخطاء و الاختلالات البنيوية الجسيمة التي ظلت منذ الاستقلال الى اليوم تشكل عائقا أمام التوازنات و اندماج الجميع فى تسيير شؤون البلد ، لتقف فى وجه هذه السياسات الخطيرة على الوحدة الوطنية و كينونة الدولة و المجتمع و هى سياسات ممنهجة من شأنها تفكيك اسس الدولة و تدمير القيم الجمهورية و عوامل العيش المشترك التى تشكل ركائز اللحمة الوطنية و مقومات الوئام الاجتماعي و ذلك للحيلولة دون الانزلاق فى أزمات و صراعات لا تجر الا للخراب.
ما يحدث اليوم فى بلدنا لا يمكن السكوت عليه لان من يريد تفكيك الدولة الموريتانية على أسس عرقية او اللون او الفئوية فيكن قد ارتكب اكبر اجرام يمكن ارتكابه فى حق الدولة الموريتانية كما ان العنصرية مرض وداء بشعة بل هي فتاكة و مدمرة و مصدر تصادم ، و مثيرة للفتن و الكراهية كما انها ايضا مخالفة لديننا الحنيف .
ما نشاهده اليوم من ممارسات الميز العنصري و الإقصاء و الذى اصبح مؤسس بشكل رسمي و ممارس بصفة استفزازية و علنية يخيفنا على مستقبل البلد .
و هذه السياسة ، لا تخدم هذا البلد الفقير، الفاشل و الهش ، الذى لا يحتمل اكثر من واقعه المزري أصلًا . ما نحتاجه هى دولة العدل و الإنصاف دولة المواطنة حيث المحبة و التآخي و السلم الاهلى و إحترام الكرامة و ضمان الحقوق الأساسية و الرفاه ضمن موريتانيا متصالحة مع ذاتها متسامحة ، فيها التوزيع العادل للثروة و السلطة و الإشراك الفعلي لكل المجموعات الوطنية دون تمييز ( البيظان ، الحراطين ،الهال بولار ،السونيكه و الولوف ) فى تسيير شؤون البلد .
ما هو مطلوب اليوم هو مواجهة المفسدين و الفاسدين، ارساء الحكامة الرشيدة و ليس الزج باصحاب المظالم و الحقوقيين فى السجون تحت التعذيب و سلب أراضى الفلاحين و قطع الارضية بالمدن الحضرية تتويجا للسياسات المرسومة.
إنما المطلوب هو أيضا القضاء التام على الرق و مخلفاته و تسوية الإرث الإنساني المرتبط بأحداث ١٩٩٠ والعمل على تعزيز الوحدة الوطنية من خلال حوار شامل يفضى إلى مخرجات لحلحلة كل القضايا الوطنية الكبرى .
نحن سأمنا من الخطابات الجوفاء هذه ، التي تملأ الهواء كذبا و تسقى الصحارى سيولا من المواعيد الزائفة التي وجدنا منها الاكتفاء الذاتي ما يكفينا لعقود من الزمن لكن لم يجد منها المواطن مأكل ليلة واحدة و ليس خطاب وادان ببعيد .
كل المشاكل مطروحة دون حلول من بينها : فى جل مقاطعات البلاد ينعدم فيها الماء و الكهرباء و الصحة و البنى التحتية و المدارس و الخدمات الأساسية زائد على ذلك البطالة المرتفعة وتدنى القوة الشرائية لدى الفرد مع الهشاشة و الفقر المتقع الحاد مع اننا بلد غنى بموارده الكثيرة يتم هدرها بلا هوادة و بدون معاقبة.