التحكيم القضائي في التشريع الكويتي في المواد المدنية والتجارية (1995/ 11)
تانيد ميديا : يقصد بالتحكيم، ان يتفق أطراف نزاع قانوني، نشأ أو سينشأ، على اللجوء الى شخص طبيعي أو أكثر، وهو المحكم أو هيئة التحكيم، للفصل في النزاع القائم بين الخصوم، وذلك بتطبيق القواعد القانونية، التي اختارها الخصوم، أو وفقا لمبادئ العدالة ،التي يقرها المحكم.
ان حق التقاضي في اللجوء الى محاكم الدولة،مكفول لكل من يتواجد على اقليم دولة الكويت، وذلك وفقا للدستور الكويتي 1962 في المادة (166)منه.
و ان التحكيم بوصفه قضاء خاص، وطريق استثنائي، وخروج عن الاصل العام، وهو ولاية القضاء، بأن يتفق أطراف العقد على شرط التحكيم ،ويتم توثيقه في بنود العقد، أو أن ينشأ التحكيم بعد توقيع العقد و دون الاشارة الى نص لتطبيقه حين يثور نزاع، وتلتقي إرادة أطراف النزاع الى التحكيم فيسمى مشارطة التحكيم، وذلك لاقتضاء الحقوق المتنازع عليها ،تداركا لطول امد التقاضي امام محكمة القضاء وخاصة في العقود التجارية الضخمة.
و أخذ المشرع الكويتي بقواعد قانون المرافعات الفرنسي في تنظيم التحكيم الداخلي، فوفقا لقانون المرافعات الكويتي القديم الصادر في عام 1960 وقانون المرافعات الحالي رقم 38 لسنة 1980 فقد اقتصر على وضع قواعد تنظيم التحكيم الداخلي دون التحكيم الدولي ( الباب الثاني عشر في المواد من 173 إلى 188 ) وذلك للفصل في النزاعات الناشئة عن العقود المدنية والتجارية القابلة للصلح ولا تخالف النظام العام ( المادة 173/ 3 قانون مدني تجاري- المادة 554 قانون مدني) ويقابلها في القانون المدني الفرنسي المادة 2059 ” هي الحقوق التي يملك الخصوم التصرف فيها” .
وقد أوجب المشرع الكويتي على المحكم ان يقوم خلال ثلاثين يوما على الأكثر من قبوله مهمة التحكيم، بإخطار الخصوم بتاريخ أول جلسة تحدد لنظر النزاع، وذلك وفقا للمادة (179) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
كما أوجب المشرع الكويتي على المحكم أن يصدر حكمه في النزاع المعروض أمامه خلال مده لا تجاوز ستة أشهر من تاريخ إخطار الخصوم بأول جلسة من جلسات التحكيم، وذلك ما لم يوجد اتفاق صريح، أو ضمني بين أطراف التحكيم على مدة أقل أو أكثر ،وذلك وفقا للمادة (181) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
وتحقيقاً للهدف المنشود وهو عدم اطالة أمد التقاضي والفصل في النزاع، فقد قرر المشرع الكويتي، أن حكم التحكيم غير قابل للاستئناف، ما لم يتفق الخصوم قبل صدوره على خلاف ذلك، بشرط أن يكون النزاع بحسب قيمته قابل للاستئناف، وذلك وفقا للمادة (186) من قانون المرافعات المدنية والتجارية مالم يتم التحكيم أمام هيئة التحكيم القضائي .
كون هذا النوع من التحكيم بدرجة الاستئناف ومن ثم لا يقبل الا الطعن بالتمييز على الاحكام الصادرة منها وفقا للأسباب التي حددها القانون، وذلك بموجب المادة (10) من القانون رقم 11 لسنة 1995 بشأن التحكيم القضائي في المواد المدنية، والتجارية ،مع مراعاة النظام العام، الذي يجب على المحكم مراعاته عند اصدار حكمه، والذي يختلف عن مفهوم النظام العام الذي يحدد المسائل الغير قابلة للتحكيم.
و لعل ما يميز نظام التحكيم، هو سرية الجلسات المنعقدة فلا يجوز لغير الخصوم وممثليهم القانونيين والأشخاص الذي يستدعي وجودهم حضور جلسات التحكيم، وذلك ضمانا للحفاظ على أسرار الخصوم وسمعتهم.
وتلك السرية، يلتزم بها المحكم ،حتى بعد اصدار حكمه في موضوع النزاع.
والجدير بالذكر، أنه في حال وجد غموض في اتفاق التحكيم، فأنه يتم احالة النزاع الى محاكم الدولة وهو الاصل في نظر واقعة النزاع( هو محل نظر برأينا فهو تفسير ضيق لمحكمة التمييز ).
والزم القانون المحكم بمراعاة الحيادية والاستقلال عن الخصوم، كما ساوى بين المحكم والقاضي في أسباب رده وعدم صلاحيته وفقا للمادة 178/ 4 من قانون المرافعات المدنية والتجارية ومراعاة حق الدفاع للخصوم ومبدأ المواجهة فيما بينهم باعتبارهما النظام وفقا للمادة 182/ 2 من قانون المرافعات المدنية والتجاريه، وألزم المحكم بوجوب اصدار حكمه كتابة موقعا بالشكل الذي يتطلبه القانون وفقا للمادة 183 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
ويتمتع حكم التحكيم، بقوة الاثبات من حيث، انه محرر رسمي له حجيته على الكافة، ما لم يثبت تزويره بحكم قضائي نهائي باستثناء حكم التحكيم ،الصادر من هيئة التحكيم القضائي وفقا للقانون رقم 11 لسنة 1995 بشأن التحكيم في الموادالمدنية والتجارية.
دمتم بود
متابعة فهد مرشد المطيري مستشارة قانونية كويتية
تهاني العبيدلي الشمري