بين يدي التشاور.. / د. إسحاق الكنتي
رسمت بعض أحزاب المعارضة لوحة قاتمة لأوضاع الوطن؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية…
في الأنظمة الديمقراطية، حين تشخص المعارضة الأوضاع بهذا الشكل تبادر بالدعوة إلى تقديم موعد الاستحقاقات الانتخابية، وتطرح نفسها بديلا للنظام القائم عبر برامج انتخابية كفيلة بابتكار حلول “للأوضاع الصعبة…” تلكم هي الحالة الطبيعية في نظام ديمقراطي تمارس فيه الأغلبية السلطة، وتنهض فيه المعارضة بدورها الرقابي. أما عندنا فقد اختلقت “المعارضة” لنفسها دورا شبيها بمؤسستها: بدعة الحوار. فأقصى ما تطمح إليه معارضتنا هو أن تجلس على طاولة الحوار مع الأغلبية بمطالب معلبة حفظها المواطن فملها:
1- حصة معتبرة من وظائف اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات؛ تبدأ بالرئيس وتنتهي بالبواب.
2- تعزيز النسبية وبسطها على المزيد من المقاطعات.
3- زيادة حصة اللوائح الوطنية من المنتخبين.
4- المشاركة في الحكومة.
5- الإرث الإنساني.
6- المشكل العقاري.
7- مطالب أخرى “تحت الطاولة” يقدمها كل حزب على انفراد في غرفة مظلمة.
غني عن البيان القول إن هذا “البرنامج الانتخابي” لا يخدم المواطن الموريتاني، ولا يقترح حلا “للأوضاع الصعبة” التي تتوهمها المعارضة فتبني عليها بياناتها الصحفية الداعية إلى العجلة في عقد الحوار. ومن الإنصاف الاعتراف بوجاهة هذه المطالب بالنسبة لنخبة سياسية تبحث عن مصالحها الشخصية؛ فالحصة من اللجنة ستؤول إلى أحد الأسماء الخمسة. والنسبية، واللوائح الوطنية هما الطريق الوحيد إلى قبة البرلمان، والمشاركة في الحكومة تتويج “لمسار ما”. أما الإرث الإنساني، و”المشكل العقاري” فهما ضرع لحلوب بلا مؤونة…
سينعقد التشاور، لكن المعارضة قد تتفاجأ بطرح الأغلبية، خاصة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، الداعي إلى تغيير القانون الانتخابي وإلغاء النسبية، وتقليص اللوائح الوطنية لتكون المناصب الانتخابية انعكاسا حقيقيا لإرادة الناخب. فلولا النسبية واللوائح الوطنية لما كانت المعارضة ممثلة في البرلمان، إذ لا يستطيع رئيس حزب معارض الترشح في مقاطعته، أحرى أن يربح مقعدها. واللوائح الوطنية هي التي سمحت لبعض الظواهر الصوتية بدخول البرلمان ممثلا لألفي ناخب في نواكشوط. واللوائح الوطنية إياها هي التي أدت إلى الشحناء بين نائب مقاطعة انتخبها أهلها لتمثلهم في البرلمان فاختلقت لهم أخرى “مشاكل” تطرحها على الحكومة بحجة أنها نائبة وطنية، وأهل المقاطعة لم يسمعوا باسمها قط.
وربما تتخذ قيادة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية قرارا بعدم نشر ترشيحاتها، في الاستحقاقات القادمة إلا في آخر لحظة؛ ساعة قبل إغلاق باب الترشح. عندها ستجد أحزاب معارضة كانت تتصيد المغاضبين، منهم زعيم المعارضة، نفسها في حرج كبير. وربما تقول Passe للترشيحات، كما قال صاحبهم حين كشف “الموريتاني”.