هيدالة في حلقة جديدة من مذكراته قبل رئاسته
مذكرات الرئيس محمدخونا ولد هيداله
من القصر إلى الأسر
الحلقة 11
“الكودة ” الكبرى..أول دورية موريتانية في المجابات الكبرى
أتجهنا أولا من النعمة إلى ولاته ومنها إلى تشيت، ومنها اتجهنا إلى لمغيطي وجهتنا النهائية وقد استغرقت المسافة 21 يوما ، أثنى عشر منها كانت بين تشيت و ” بجرطاله” وهو بئر على بعد 200 كلم من لمغيطي وهو أول نقطة مسجلة على الخريطة التي نتحرك عليها بعد تشيت، لذالك كنا طوال هذه الرحلة التي دامت اثنى عشر يوما نسير دون أن نكون على يقين تام على أن سيرنا في اتجاه صحيح، فكنا نتطلع بفارغ الصبر للوصول لهذه البئر حتى نتأكد من أننا لم نضل الطريق خاصة أننا كنا نتحرك في بحار من الرمال التي لامعالم فيها وهي المنطقة التي تسمى ” أذراع”
بعد أثنى عشر يوما من المسير عثرنا على بئر إلا أننا لم نتأكد تماما أنها هي بئر ” حاسي بوجرطاله” لأن بعض الرجال المتفدمين في السن من رفاقنا ممن يعرفون المنطقة قالوا لنا أن بئر بوجرطاله مطوي بالحجارة والبئر التي عثرنا عليها لم تكن كذالك ومع ذالك لم نأخذ بأقوالهم كلية لأن المواصفات التي لدينا لبئر بوجرطاله تتطابق تماما مع مواصفات هذه البئر التي عثرنا عليها، فقد كان ماؤها مالحا ولونه يميل للصفرة، فقررنا أن نستجلي الحقيقة لأن هذه البئر من المعالم القليلة الموجودة في المنطقة، فرأينا أن نواصل المسير في الإتجاه الذي كنا نسير إليه وأن نبحث عن بئر الزريكات وهو على بعد 110كلم من بئر بوجرطاله
لهذا الغرض اصطحبت مجموعة مكونة من عشر عسكريين وانطلقنا نبحث عن بئر ازريكات، وبعد أن قطعنا حوالي خمسة كيلومترات وجدنا مرتفعا ، وحين أطل عليه رجالي الذين يعرفون المنطقة ورأوا معالم الأرض تأكدوا أننا في منطقة بوجرطاله فقد رأوا كدى وكثبانا كان المسافرون يستدلون بها على هذه البئر لما تأكدت أننا لم نضل الطريق قررت المواصلة بهذه المجموعة إلى بئر ازريكات فإن وجدناها نعيد من رجالنا من يأتينا ببقية الرجال الذين تركناهم في بوجرطاله، واصلنا سيرنا طوال النهار وفي المساء قال لي الرفاق الذين يعرفون هذه الأرض أن البئر أصبحت قريبة، لكنني لم أصدق ذالك لأن المسافة المتوقعة لايمكن قطعها في هذه المدة الزمنية ومع ذالك أمرتهم بالتوقف، وأرسلت مجموعات استطلاع
لكنهم رجعوا دون أن يجدوه فقررنا أن نبيت في مكاننا حتى ينتشر نور الصباح ونتمكن من رؤية المكان بشكل واضح
في الصباح أرسلت مجموعة أخرى وبينماهم في الطريق إذ وجدوا مجموعة من الصيادين( الكيماره) فلما أبصروهم ظنوا أنهم يطاردونهم ففروا من أمامهم فطاردهم رجالنا وحين لحقوا بهم استعد الصيادون للقتال لكن رجالنا قالوا لهم أنهم لايريدون بهم شرا فأمنوا وعرفوا على أنفسهم وأخبرهم العسكريون أنهم يبحثون عن بئر ازريكات فأخبروهم أنهم غادروها في الصباح وأنهم إذاما اقتفوا آثارهم فسيصلون إليها بعد ساعات قليلة، بعد جلسة استراحة شربوا خلالها الشاي وأكلوا لحما مشويا توجه رجالنا إلى البئر مقتفين آثار الصيادين بدقة حتى وصلوا إليها، فعادوا إلي وأخبروني بعثورهم على البئر
فتنفسنا الصعداء ودب في نفوسنا شعور عجيب بالفرح يشبه مايعبر عنه المثل العربي ( عند الصباح يحمد القوم السرى)