عند تقاطع تدفقات الهجرة: بين الصراحة السياسية ومتطلبات السيادة/ الولي سيدي هيبه

الموريتاني : في مناخ يتسم بتصاعد حدة النقاشات حول الهجرة – والتي كثيرًا ما تؤججها شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام – ألقى وزير الداخلية واللامركزية، السيد محمد أحمد ولد محمد الأمين، مداخلة لافتة أمام البرلمان.
بنبرة هادئة لكنها حازمة، تمكن من الجمع بين وضوح التحليل، وروح الدولة، والانفتاح على الحوار، مظهرًا إلمامًا تامًا بالتحديات المرتبطة بالهجرة التي تواجهها موريتانيا.
في مستهل حديثه، حرص الوزير على الإشادة بمبادرة النائب كادياتا مالك ديالو، معتبرًا أن تساؤلها أتاح إعادة قضية محورية إلى قلب النقاش السياسي، لما لها من أهمية على مستقبل البلاد. وقد وضع الوزير مباشرة أسس الموضوع، مؤكدًا أن قضية الهجرة تمس ثلاث أبعاد أساسية:
- الاستقرار الوطني،
- الأمن العام،
- التماسك الاجتماعي
وهي ركائز لا غنى عنها لأمن وحسن سير أي مجتمع.
وانطلاقًا من مقاربة تربوية، أعاد الوزير ظاهرة الهجرة إلى إطارها التاريخي والإنساني، مذكرًا بأنها ظاهرة بقدر ما هي قديمة قدم البشرية، فإن أي دولة حديثة لا يمكنها تجاهلها. وقد شكل هذا التقديم أرضية لتفكير متوازن، يدعو إلى التوفيق بين البعد الإنساني والحزم في إدارة تدفقات الهجرة.
ثم عرض الوزير تصنيفًا واضحًا للدول فيما يتعلق بالهجرة:
- دول المصدر، والتي تعاني من الفقر، والبطالة، والنزاعات، مما يدفع بشبابها إلى الهجرة؛
- دول العبور، مثل موريتانيا، التي تعتبر مناطق مرور وأصبحت بشكل متزايد مناطق استقرار؛
- دول الوجهة، التي تواجه تحديات معقدة تتعلق بالاستقبال والاندماج.
وبحزم، حذر الوزير من التسييس المفرط للنقاش حول الهجرة، مؤكدًا أن إدارة هذا الملف هي من صميم مسؤوليات الدولة، على أساس احترام القوانين الوطنية، والسيادة، وحقوق الإنسان. ومع اعترافه بإمكانية حدوث اختلالات، خاصة في إجراءات الترحيل، أعرب عن استعداده لتقبل النقد البناء، وتصحيح أي ظلم، وتلقي ملاحظات النواب.
ولتعزيز حديثه، عرض الوزير جملة من الإجراءات الملموسة:
إنشاء 82 نقطة حدودية خلال 18 شهرًا فقط؛
إبرام اتفاقيات ثنائية مع السنغال لتنظيم الهجرة القانونية بشكل أفضل؛
الانفتاح على مراجعة الاتفاقيات القديمة، خصوصًا على المستوى المالي، لتكييفها مع المعطيات الجديدة.
واختتم الوزير مداخلته بالتشديد على ضرورة اعتماد مقاربة جماعية وشاملة، تشمل:
- الحكومة،
- البرلمان،
- المجتمع المدني،
- المواطنين. كما ندد بانتشار المعلومات الكاذبة على شبكات التواصل الاجتماعي، لما تمثله من مصدر للتوتر وسوء الفهم.
وقد تميزت مداخلة الوزير بتأكيده الرسمي على أن موريتانيا ستظل بلدًا منفتحًا، يحترم القانون وحقوق الإنسان، لكنها لا تستطيع أن تستقبل إلى، ما لا نهاية، فوق طاقتها حتى لا تعرض استقرارها الداخلي وطمأنينة مواطنيها للخطر