التقليد وعدم التثبت في وسائل التواصل.. مسابقة التآزر نموذجا

تانيد ميديا :من المؤسف أن كثيرا من الطيبين يثقون في كل ما ينشر على وسائل التواصل، ويقلدون ناشريه تقليدا أعمى دون أدنى تثبت أو تمحيص؛  فلا يبحثون عن عدالة الناشر ومصداقيته، ولا عن مستنده فيما ينقل،  على خلاف ما أوصى به القرآن الكريم: (يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فأشق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) وكما   قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: “كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع”. في حالات سابقة سال مداد ألكتروني غزير، وانتهكت أعراض وسفهت أحلام بسبب تدوينة غير دقيقة نشرها مدون أو كاتب مغرض… وفي بعض هذه الحالات  لبثت صولة الباطل وظلمته أياما، ثم نسخها نور الحق وجولانه وظهوره،  فاعتذر الناشر الأول واعتذر من قلّدوه تقليد الأعمى، وأصبحوا نادمين  على عدم تثبتهم وثقتهم في من لا يستحق الثقة!!!

آخر نموذج لهذا الأمر ما حصل اليوم في قضية مسابقة (التآزر) من لبس
وتخليط راج على كثير من الطيبين عن حسن نية وطيب طوية حرصا على مكانة اللغة العربية،  ورعيا لحرمتها، وحق لهم  ذلك لكنهم ضربوا في غير مضرب، وحلبوا في غير محلب! وما ضرهم لو استثنوا وعلقوا على ثبوت الأمر قبل أن يهاجموا المؤسسة ويتهموها! ورأى فيه بعض المغرضين فرصة لا تعوض لتصفية الحسابات الضيقة، لحاجة في نفوسهم المريضة…
والواقع  أن القضية تقتضي منا تفصيلا وتوضيحا لهذا الأمر حتى ينجليَ وينكشف، ويعلم من أين جاء الخطأ على طريقة “التسعة تنگص  إلى الوتد” ذلك أن التآزر قد أعلنت منذ يومين عن مسابقة لاكتتاب عدد من الأطر، ونشر  إعلانها في موقع ” بيتا” وليس فيه أي تعرض لاشتراط الفرنسية ولا العربية في الملف على وفق ما يجري في المسابقات المماثلة ورابط الموقع المذكور هو https://www.beta.mr وهو موقع متخصص في نشر مثل هذا النوع من الإعلانات.
لكن إحدى المنصات النشطة على الفيس بوك ترجمت البيان ترجمة خاطئة، وأدرجت فيه فِقرة تتعلق باشتراط  الفرنسية جاءت بها من كيسها أو كيس أبيها، وأقحمتها في صلب البيان إقحاما. وربما اعتمدت في ذلك  على ترجمة جوجل  أو على آدمي لا يحسن الترجمة! ووقع هذا البيان المترجم في يد بعض الطيبين الغيورين على العربية فصدقوه  دون بينة ولا شهود، ولم يكلفوا أنفسهم عناء التحقق منه، وقلدهم بعض المغرضين، وسار الخبر في آفاق العالم  الافتراضي ، وسرى فيها سريان النار في الهشيم، وأصبح حديث الساعة وعلق عليه  كثيرون، من مختلف المشارب وبنيات مختلفة – وإنما لكل امرى ما نوى…
وبعد نشر البيان المزور بوقت يسير اتصل الاستاذ الفاضل محمد الأمين ابن الفاضل  بالمندوب العام للتآزر وتبرأ من البيان المزور، ثم صدر بعد ذلك بيان رسمي عن المندوب نشر في بعض المواقع وعلى صفحة المندوبية في الفيس بوك، ولم يدع مقالا لقائل، وأوضح أن هذا الأمر محض  افتراء، وأن المرجع هو الإعلان الصادر عن المندوبية الذي نشر باللغتين العربية والفرنسية منذ يومين، وتيرأ من هذه الفرية براءة الشمس من اللمس كما يقال…
ونحن نثمن جهود المدافعين عن اللغة الشريفة، والمطالبين باستكمال  ترسيمها وجعلها اللغة الوحيدة لمختلف الإدارات، ونرجو أن تزول العوائق المصطنعة التي تحول دون ذلك، ونرجو كذلك أن يقوم المندوب العام السيد الشيخ ولد بده بما يرجى من أمثاله من زيادة التمكين   للغة العربية في مؤسسته، فهو صاحب الثقافة العربية الواسعة، وسليل بيوت العلم والصلاح والأدب.. وهو ممن لا يتهم في العناية بلغة القرآن، ولسان حاله قول الشاعر:
وعيرها الواشون أني أحبها ** وتلك شكاة ظاهر عنك عارها
أو كما قال الآخر:
قد قيل ما قيل إن صدقا وإن كذبا *** فما اعتذارك عن قول إذا قيلا

وبعد فلعل في مجريات هذه الأخبار عبرة لنا لنتثبت ونتيين، ونترك الثقة العمياء  في كل منشور، وهذه فرصة لدعوة المواقع التي روجت لهذه الخبر للاعتذار  وبالأخص موقع (أقلام) ومنصة (مرشد المسابقات) والله الموفق.
محمد يحي احريمو

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى