لننسحب من هذا الاتفاق قبل فوات الأوان/النائب يحي اللود(بيان)

تانيد ميديا : كما كان متوقعاً، وكما حذرت منه أصوات متعددة فور توقيع النظام لاتفاقه مع الإتحاد الأوروبي في ال 8 من شهر مارس عام 2024، بشأن مكافحة الهجرة، بدأت الآثار الكارثية لهذه الإتفاقية تطفو على السطح حيث ظهرت بلادنا أمام الرأي العام الإفريقي والدولي كحارس لحدود الإتحاد الأوروبي ينكل بإخوتنا الأفارقة لصدهم عن الهجرة.
أبرزت محاولات لعب هذا الدور مدى تفشي الفساد والرشوة في مختلف مفاصل الدولة كما يدل على ذلك تورط بعض وكلائها في تهريب البشر، واستخدام وسائلها لهذا الغرض، بمافي ذلك سيارات الإسعاف ،
وأدى التزايد الملحوظ لإخوتنا الأفارقة في مدن البلاد إلى تغذية النزعات الشوفينية وانتشار نظريات المؤامرة في ظل عجز واضح للسلطات عن التعامل مع هذا الموضوع بالحد الأدنى من الكفاءة و المسؤولية ،وأصبحت الحكومة تلجأ إلى مغالطة الرأي العام بحجج واهية منها أننا لم نبرم اتفاقا بالمعنى القانوني وكأن الحكومة ليست منخرطة، وبشطط ملحوظ، في تنفيذ واجباتها بموجب هذا الإتفاق الملزم، ويذكر الرأي العام كيف وقف وزير خارجيتنا أمام البرلمان فييوم 16 نفمبر 2023 ليقول، مزهواً، “إن بلادنا هي خط الدفاع الأول عن الحدود الإسبانية في مواجهة الهجرة والإرهاب”، هذا في الوقت الذي تعجز فيه السلطات عن حماية حدود بلدها حيث قتِّل أبناؤنا، على أرضنا، في وضح النهار، ومن طرف قوى أجنبية.
إن محاولة لعب دور حارس حدود أوروبا تنم عن فهم قاصر لأساسيات الجغرافيا السياسية لبلدنا، ولمصالحنا على المدى الطويل، كما تنم عن جهل مركب لحقيقة مشكل الهجرة وتعقيداته.
إن تحدي الهجرة هو مشكل دولي معقد يحتاج حلاً دوليا يتجاوز دور وقدرات بلدنا، حل يأخذ بعين الإعتبار مبادئ التضامن الإنساني وتشابك المصالح بين القارة الإفريقية واوروبا.
لا يمكن للمواطن الإفريقي أن يقبل بخطاب “العولمة” وضرورة إلغاء الحدود في وجه حركة رؤوس الأموال والشركات والبضائع، وإبقائها فقط في وجه حركة الأفراد. وكأن قدر الأفارقة هو أن يمولوا اقتصادات الدول الغنية ويعملوا كمستهلكين لصادراتها التي هي أصلاً موادهم الأولية مكررة.
كما لا يمكن للمواطن الإفريقي، ولا لأي راصد أمين، أن يتفهم أن تقبل بلادنا لعب دور رفضته كافة دول المنطقة بغض النظر عن تمتعها بحدود مع الدول مصدر الهجرة كليبيا التي تشترك حدوداً مع تشاد والنيجر والسودان، أو عدم تمتعها بتلك الحدود كتونس والمغرب.
ولا يمكن للمواطن الإفريقي ولا لأي راصد أمين أن يتفهم إصرار بلادنا على إعطاء الإتحاد الأوروبي مخارج لسياسات اعتبرتها المحاكم الأوروبية نفسها خرقاً سافراً للقانون الدولي للاجئين، وللقانون الدولي لحقوق الإنسان.
إن مواجهة تحدي الهجرة يتطلب شراكة تنموية تستفيد منها الدول مصدر الهجرة، وتتطلب وقفاً للحروب التي تعصف بها، وتتطلب امتناعاً عن دعم الديكتاتوريات الطاردة لأبنائها.
وبناءً عليه، فإننا ندعو النظام، قبل فوات الأوان، إلى:
سحب توقيعه على الإعلان المشترك الموقع مع الإتحاد الأوروبي بتاريخ 8 مارس 2024؛
الوقف الفوري لعمليات البحث والإعتراض التي تنفذها سلطاتنا بالتعاون مع جهات أوروبية في عرض البحر ضد اللاجئين والتي هي السبب الرئيس في تزايد أعداد المرشحين للهجرة ببلدنا؛
ضبط نظام الهجرة والإقامة في بلدنا فعليا وليس دعائيا، ومعاملة الأفارقة المقيمين أو الذين يتم ترحيلهم وفق أعلى معايير الإنسانية بشكل يحترم كرامتهم، ويليق بعلاقات الأخوة بيننا، وبقيم الضيافة والأصالة التي تنميزنا؛
إعادة تأهيل وتكوين أطقمنا الإدارية والأمنية والعسكرية ذات الصلة وتكريسها لصيانة حدود موريتانيا وأمنها؛
إعادة النظر في الأجهزة والمسؤولين الذين تولوا التفاوض على هذا الإعلان المشترك والذي كشفوا عن جهلهم العميق بأبجديات التفاوض الدولي، وتجاهلهم الفاضح لمصالح بلدنا.
النائب يحيي اللود