ثقافة : “خَلّي تَوفْ” “ماهُ مهم” (يستحق القراءة)
تانيد ميديا : على مدى العقدين الماضيين، برزت مجموعة من العادات الذهنية و السلوكية و تسرّب معها داخل مجتمعنا نوع من الترهل و الاهمال و اللامبالاة بدرجة مخيفة، بحيثُ فقدنا القدرة على التركيز، و الاهتمام، و الطموح، و حتّى الاحساس…لم نعُد نهتم بشيء، و لا نعتني بشيء، و لا نطمح إلى شيء؛ نمطُُ ثقافي شائع يُمكنُ أنْ نُطلق عليه “ثقافة خلّي توف، ماهُ مهم”! بالله عليكم، كم مرّة سمعتُم كلاما من قبيل: أحْ، خلِّ تَوف، ماهُ مُهم! المعارضة؟ أحْ، خلّي توف، ماهُ مهم! الموالاة؟ أح، خلّي توف، ماهُ مهم! الكتابة؟ ماهُ مهم! الكلام؟ ماهُ مهم! الأحزاب؟ التصويت؟ الانتخابات؟ ماهُ مهم! الدراسة و التعلّم؟ أحْ، خلّي توف! الوقوف؟ الجلوس؟ التسبب؟ ماهُ مهم!
أعتقد أنّنا أمام مرض اجتماعي و أخلاقي عضال يمس المجتمع و الدولة معا، و لا بُدّ من دراسات عميقة و رُبّما جِراحات تعالج الداء من جذوره.
هذه العقلية خطيرة، وإذا لم تحدث ثورة فكرية تؤدي إلى تحوّل في ذهنية وسلوك الشباب، فإن المصلحة العامة ستضيع حتما. ولأجل ذلك، ينبغي التركيز على التربية على الشأن العام بكل الطرق والوسائل المتاحة بدءا بالأسرة والمدرسة وانتهاء بالجامعة والإعلام والمسرح والنوادي، والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني..
لا بد أن يستعيد المواطن الموريتاني وعيه وعقله وثقته في نفسه وبلده. وهو قادر على ذلك. معلوم عبر التاريخ أن الإنسان الموريتاني إنسان رائع يتحلى بصفات حميدة في الجود والإبداع والصمود والمقاومة والقدرة على التكيّف. يقال إن موريتانيا واحدًا يساوي 100 رجل، ولكن مائة موريتاني يساوون صفرًا، إذ سرعان ما يتقاعس كل واحد منهم ويتباخل، تاركا عبء العمل على الآخر، وتكون النتيجة صفرا. ينبغي على الحكومة والدولة الاعتناء بنشر وترسيخ ثقافة “الشأن العام” وتغذية الوعي بالمصلحة العامة بشكل تضامني، لعلها تكون أفضل من الماء والكهرباء.