كتب الوزير محمد فال ولد بلال: الوجه الآخر للنسبية.. التشرذم..
تانيد ميديا : أخشى ما أخشاه أن تسفر الانتخابات القادمة عن “كيان مشوه”.. عبارة عن مخلوق غريب، له 91 رأسا وبلا أطراف، واسع الجيب، وممتلئ المحفظة. برلمان يتكون من 91 رأس لائحة معظمهم تجار و رجال أعمال، اشتروا “الرقم الأول” من حزب “فقير”، و “أوصال التسجيل” (روسيات الاحصاء) من مواطن مسكين، ودخلوا البرلمان على ظهر النسبية. كلنا ندري أن “المال” و “القبلية” شرٌّ لا بد منه، و دورهما قديم؛ ولكنهما بلغا حدا مخيفا في ظل العشرية الماضية. كل شيء صار للبيع : رأس اللائحة وأنفها وأذنها (الرقم الأول والثاني والثالث)، وأوصال التسجيل، وجموع المصفقين والداعمين لترشيح فلان، أو إقصاء علان، إلخ. الأمر ليس بالجديد، ولكنه أصبح أكثر فتكا بسبب تقليص عدد الأحزاب من 100 إلى 25.
في سياق كهذا، أخشى ما أخشاه أن يخرج علينا برلمان غامض الهوية، بلا لقب مميِّز ولا وصف محدد. لا هو فاعلٌ حقا، ولا هو مفعول به تماما. يتكون من شظايا ميزان، ونخلة، وفرس، ومفتاح، ومشعل، وسلّم، وثور، وأنواع أخرى من الشجر والحيوانات.. برلمان يحمل صور الأحزاب وشعاراتها، وتغيب عنه برامجها وأفكارها.
وتشير معظم الدلائل إلى أنه سيكون مبعثرا ومشتّتا ومقطع الأوصال، فيه 20 رأس لائحة مختلطة – و 20 رأس لائحة نساء – و 11 رأس لائحة شباب – و 3 من لوائح كوبني – و 3 من امبود – و 4 من سيلبابي – و 3 من نواذيبُ – و 3 من كيفه – و 3 من كيهيدي – و 21 رأس لائحة في نواكشوط، أي ما مجموعه 91 من رؤوس اللوائح موزعة بين 25 حزبا. وهو ما يقارب ثلثي (2/3) أعضاء البرلمان.
ما اريد الوصول إليه باختصار هو أن “النسبية” لها فوائد وسيئات. فإذا كانت تسمح بتوسيع دائرة المشاركة، وتعزز فرص التمثيل، و تعطي حظوظا أوفر للأقليات والأحزاب الصغيرة في الحصول على مقاعد، فإنها مع ذلك تساهم في تفكيك و تجزئة الإرادة الجماعية للأمة. و تؤدي إلى تقويض و تمييع مشيئة الشعب والوطن. أخشى أن نكون قد تجاوزنا الحدّ السليم في التوازن بين نظام الأكثرية ونظام النسبية في محاولاتنا الدائمة لإرضاء الكُل، والركض وراء إجماع مستحيل على حساب القوة الناجزة والفاعلية.