تراكم “السموم” في الدماغ يجعل عملية التفكير الجدي شاقة
اكتشف العلماء دلة جديدة توضح لماذا ننشعر بالارهاق عندما نقضي فترات طويلة من التفكير بشكل مكثف كما لو كنا نؤدي أعمالاً جسدية شاقة.
وتوصل العلماء إلى نظرية تفيد بأن هذا التعب ناتج من احتمال تراكم السموم في الدماغ.
هذا التراكم من مادة كيماوية تسمى الغلوتامات يقوض بدوره قدرتنا على اتخاذ القرارات، ويوجهنا بالتالي إلى الأعمال التي لا تتطلب أي مجهود أو فترات انتظار عندما تصاب عقولنا بالتعب والإرهاق.
ومن المحتمل أن الإرهاق يحدث كوسيلة لإخبار العقل بالتوقف عن العمل وإنقاذ نفسه، وفقاً لنتائج دراسة جديدة منشورة في مجلة “Current Biology” قال أحد واضعي الدراسة واسمه ماتياس بيسيجليون، من جامعة بيتي سالبيتريير الفرنسية، “أشارت النظريات المؤثرة إلى أن التعب هو نوع من الوهم يصنعه الدماغ لجعلنا نتوقف عن كل ما نقوم به ونتحول إلى القيام بنشاط يسعدنا أكثر”.
وأوضح، “لكن النتائج التي توصلنا إليها تظهر أن العمل الفكري يؤدي إلى تغيير وظيفي حقيقي، مثل تراكم المواد الضارة، لذا فإن التعب سيكون بالفعل إشارة تجعلنا نتوقف عن العمل ولكن لغرض مختلف وهو الحفاظ على سلامة عمل الدماغ”.
استخدم الباحثون المقيمون في باريس في سياق الدراسة أشعة التصوير الطيفي بالرنين المغناطيسي (MRS) لمراقبة كيمياء الدماغ على مدار يوم عمل، ومقارنة مجموعتين من الأشخاص.
تضمنت المجموعة الأولى 24 فرداً كان مطلوب منهم الانغماس في تفكير جاد، في حين تضمنت المجموعة الأخرى 12 مشاركاً كلفوا مهام تفكير سهلة نسبياً.
ولاحظ العلماء على المجموعة المطلوب منها التفكير بجدية وجود علامات تعب، بما في ذلك انخفاض في اتساع حدقة العينين.
وطلب من المجموعتين كذلك اتخاذ قرارات اقتصادية مختلفة على مدار اليوم حيث تقوم المجموعتان بالاختيار بين بذل جهود بسيطة للفوز بمكافأة متغيرة، أو بذل قدر متغير من الجهد للحصول على مكافأة قدرها 50 يورو.
وتبين أن الأشخاص في المجموعة التي يقوم أفرادها بمهام فكرية أكثر إجهاداً يميلون أكثر إلى اتخاذ الخيارات التي تقترح مكافآت تتطلب بذل جهود قليلة وفترة تأخير أقل، مثل قبض النقود على الفور مقابل التحويل المصرفي للمكافأة بعد عام واحد على الأقل.
ويقول الباحثون إن المشاركين في هذه المجموعة لديهم أيضاً مستويات أعلى من الغلوتامات في “قشرة الفص الجبهي” في الدماغ.
وإضافة إلى الأدلة السابقة، قال واضعو الدراسة إن النتائج التي توصلوا إليها تدعم فكرة أن تراكم الغلوتامات يجعل مزيداً من تنشيط هذا الجزء من الدماغ مكلفاً – لدرجة أن التحكم المعرفي يكون أكثر صعوبةً بعد قضاء يوم عمل مرهق عقلياً.
ولحسن الحظ، قال الدكتور بيسيجليون إن “هناك أدلة جيدة على التخلص من الغلوتامات من المشابك العصبية أثناء النوم”، ونصح الناس بتجنب اتخاذ قرارات مهمة عندما يكونون متعبين.
ومع ذلك، قد تكون هناك آثار عملية أخرى. على سبيل المثال، يقترح الباحثون أن مراقبة مستقلبات الفص الجبهي يمكن أن تساعد في اكتشاف التعب العقلي الشديد – الذي بدوره يمكن أن يساعد في تعديل أجندات العمل لتجنب الإرهاق.
ويأمل العلماء أن تقوم الدراسات المستقبلية بتحديد سبب تعرض قشرة الفص الجبهي بشكل خاص لتراكم الغلوتامات والتعب، كما أن لديهم فضولاً لفهم ما إذا كانت علامات التعب نفسها في الدماغ يمكن أن تتنبأ بالتعافي من الحالات الصحية، مثل الاكتئاب أو السرطان.
مورينيوز” ـ وكالات