إلى شيخنا العلامة محمد الحسن ولد الددو حفظكم الله
كتب الأستاذ الجامعي (أستاذ أصول الفقه و مقاصد الشريعة)إلى شيخه محمد الحسن الددو…:
السلام عليكم ورحمة الله، بعد ما يليق بمقامكم من التبجيل والاحترام أبعث لكم أسئلة مستشكلا لا معترضا فما مقامي الاعتراض على مثلكم لكن مثلي قد ينبو عنه فهم ويشكل عليه أمر يحتاج توضيحا من طرفكم ..
استمعنا الى تسجيل منسوب لكم تبيحون فيه للمهاجرين فى أمريكا التعامل بالقروض الربوية وذكرتم فى استدلالكم ذاك أن القرض فى أرض الكفر اذا كان لمصلحة المسلم جاز كما هو قول الأحناف ..
و ذكرتم أن هذا القول أرفق بالمسلم المهاجر ليعتاش فما أخرجه من بلده الا الفقر ..
هذا هو مجمل استدلالكم ..
لهذا فإننا نود منكم إضاءتنا فيما يلي :
أولا تعرفون أن قول الحنفية هذا مبني على تقسيم بلاد الله بين أرض تقام فيها الحدود الشرعية ويمكن المسلم فيها من إقامة شعائره وبين أرض لا تقام فيها حدود الله ولا يمكن للمسلم فيها أن يقيم فيها شعائره .
وفى أمريكا اليوم وبلاد الغرب عموما يمكن للمرء فيها أن يقيم فيها شعائره وليست هناك فروق فى ظروف إقامة الشعائر بين الغرب وبلدان المسلمين الا من حيث الكثرة والقلة ..
فهل ترون تقسيم دار الحرب ودار السلم ما زال موجودا بما يترتب عليه من فقه .؟
ثانيا قول الحنفية هذا ليس محل إجماع عندهم ولعله لا يناسب عموم الشريعة وعدم نسبيتها فأحكام الشرع مطلقة عامة وحرمة الربا واكل مال الغير بغير حق شرعي عامة غير متعلقة بدينه وجنسه وبلده وقد قال تعالى
( وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ۗ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ).
ولا يعيب الله سبحانه على اليهود أمرا ويبيحه للمسلمين.
ثالثا هذه الإباحة خاصة بالمسلمين المهاجرين أم عامة تشمل المسلمين الأصليين وإذا حصل المهاجر على الجنسية فهل يتنزل عليه المنع كما هو الاصل؟ ..
فإذا قلتم إنها خاصة بالمهاجرين المسلمين وجب بيان الفرق بين حكم مسلم ومسلم فى بلد واحد وحالة واحدة
وتعرفون ان الفرق قادح قال فى مراقي السعود
والفرق بين الأصل والفرع قدح
إبداء مختص بالأصل قد صلح
وإذا قلتم بالعموم فقد أبحتم الربا للعموم و ما ذاك غرضكم بكل تأكيد ..
رابعا من المعروف أن أحكام الضرورة تقدر بقدرها وأن الحاجة تنزل منزلة الضرورة لكن الضرورة لا تكون مطلقة وعامة فى جميع الازمنة والامكنة ..
لهذا فإن المباح للضرورة لا بد فيه ان يكون لمعين وفى زمن معين وبلد معين ..
هذا والله أعلم وأحكم ما اردنا استيضاحه من عندكم وأنتم أهل لأن يتسع صدركم و يفيض علمكم لكل مبتغيه والسلام عليكم ورحمة الله .
انواكشوط 13يوليو 2022