السجال: نبكي لحالنا دون شماتة…رغم نواقص الآخر….
لست ممن يحترف الكتابة كثيرا في عالم مارك و لا أجيب فيه إلا من أعرفه .. لأسباب كثيرة أقلها إنحطاط المستويات الثقافية لأغلب رواد هذه “الديموقراطية الزرقاء” ولتدني مستويات الخطاب فيها… لكني مررت بالأمس على تدوينة لأحد الأصدقاء تندرج في إطار هذا السجال القائم بين مؤيد لقرار الإنتقال من أسنيم إلى تازيازت ومعارض لذلك, جاء في تدوينة صديقي بإختصار شديد و بتصرف: (أنه إكتُتب سنة 2004 في شركة اسنيم برتبة S5 وهو الآن برتبة M3 و لم يجد إلا الخير رغم الصعوبات, يمتك منزلا متواضعا و سيارة و لا يبغي بديلا بشركة أسنيم لذلك ينصح العمال بالمثل الحساني “النص أمع لهنَ زاكي”) أثارت هذه “التدوينة” إن صح التعبير بعض فضولي و لمعرفتي الشخصية به أحببت أن أبدي رأيي المتواضع في هذا السجال فكتبت:وخيرت أكبيرة صديقي.. شرف عظيم لشركة اسنيم أن يكون فيها مثلكم تفانيا في العمل وصدقا في القول و رضى بالقليل, و قد لا يدرك القائمون على الشركة ذلك .. منذ 2004 و تتحدث عن منزل متواضع و سيارة فقط!… 18 سنة و كأنه تفضلٌ منها عليك, و انت الذي و هبت شبابك للترحال بين قرى السكة الحديدية حيث البؤس بأبهى صوره … صديقي العزيز لا مجال للمقارنة في بلدنا المنكوب بين العمل في الشركات الموريتانية و العمل مع الأجانب لا في البر و لا في البحر و لا حتى في الجو, لن أقول كما يقول البعض أن العمل مع النصارى أفضل من العمل مع المسلمين .. لكني أقول أن الفرق بين من يعتبرك بشراً في مأكلك و مشربك و راحتك فيوفر لك مطعماً تختار فيه من كل ما لذ و طاب و سكن لائق حيث تُكفى حتى مؤنة غسل ثيابك… بل من يراعي خصوصيتك كمسلم فيبني لك مسجداً للصلاة في ميدان العمل يليق بأداء فرائضك و يكتتب له إمام راتب يصلي فيه الصلوات الخمس و الجمعة حيث تؤديها على أكمل وجه ودون إزعاج .. من يعتبر صحتك من أولوياته حيث تنعدم إشارة “0” على الوصفات الطبية … من يعتبر سلامتك هدفا يبذل فيه الغالي و النفيس من تكوين و تاطير و معدات للسلامة و قوانين صارمة تطبق على الجميع.. من يعطيك حظا من العدالة ولو قليل, على الأقل بين أقرانك من العمال … أما الرواتب و العلاوات فتلك قصة أخرى أتجنبها خوف الإطالة … صديقي لك الحق أن تختار مكانك و أن ترضى بالنصف “النص أمع لهن زاكي” لكن النصف الآخر في رقابهم سيسألون عنه و لو فرطت أنت فيه, فلا تبتئس بما كانوا يفعلون.. يكفي شركة كينروس الكندية أنها تأسست 1993 في كندا و بدأت إستغلال منجم تازيازت سنة 2010 بعد أن إشترته من شركة red back mining و مع ذلك أسنيم هي من تبعث اليوم أطرها للإستفادة من تجربة تازيازت في مجال السلامة و النُّظم و الإستخراج… في حين أن أسنيم تأسست 1974 على أنقاض شركة ميفارما التي بدأت الإستخراج مع نهاية الخمسينات من القرن الماضي و هذه التجربة التي تزيد على 60 سنة لم توظف و لم تتم الإستفادة منها للأسف الشديد, لذلك أقولها بملئ فيَّ لا للقفز على الواقع والضحك على الذقون .. خدمات الشركة الوطنية للصناعة و المناجم رديئة جدا بالمقارنة مع تضحيات العامل.. وهناك خلل واضح -تتجاهله الإدارات المتعاقبة- أدى إلى هذا النزيف المتواصل فكم من إطار سام إستقال نتيجة لهذا الوضع؟ وما أحدهم ببعيد ويقول المثل الحساني “لعياط أمنين إجي من شور الكديه لهروب أعلين؟” فلا تلوموا شبابا في مقتبل العمر درسوا من أجل التوظيف و عانوا الأمَرَّين في المماطلة و خبروا الشركة في فترة التدريب… و إن عدتم عدنا