نص خطاب الوزير الأول أمام البرلمان
تانيد ميديا : قال الوزير الأول محمد ولد بلال إن الحكومة الجديدة لديها ثمانية أهداف ستحكم عملها خلال الفترة القادمة، وإنها ستواصل العمل بمحاور السياسية العامة للحكومة المستمدة من برنامج الرئيس ومواقفه المشهودة.
وهذا تص خطاب الوزير الأول محمد ولد بلال أمام البرلمان:
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه الكريم
السيد الرئيس،
السادة والسيدات النواب
يشرفني، عملا بمقتضيات المادة 42 (جديدة) من الدستور، أن أستعرض إعلان السياسة العامة للحكومة أمام جمعيتكم الموقرة.
واسمحوا لي بانتهاز هذه الفرصة، لأعرب لكم عن خالص التهاني بمناسبة شهر رمضان المبارك، سائلا المولى جل جلاله أن يتقبل منا جميعا صيامنا وقيامنا وصالح أعمالنا.
ويأتي إعلان السياسة العامة للحكومة المعروض عليكم اليوم، إثر الثقة التي تكرم فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، بمنحي إياها يوم 30 مارس الماضي، لقيادة وتنسيق عمل الحكومة؛
كما يأتي بعد شهرين تقريبا من عرض حصيلة تنفيذ السياسة العامة للحكومة برسم سنة 2021 وآفاق تنفيذه برسم سنة 2022 على جمعيتكم الموقرة.
وإن هذه الخصوصية الأخيرة، هي ما يجعلني في غنى عن تكرار بعض جوانب الآفاق التي ناقشتموها وأثريتموها باقتراحاتكم في يناير الماضي، والتركيز في خطابي اليوم على استعراض الخطوط العريضة لبرنامج الحكومة المتعلق ببقية هذه المأمورية، وذلك على ضوء التقدم الأكيد الذي حققته البلاد منذ تنصيب فخامة رئيس الجمهورية، يوم فاتح اغشت 2019، سواء في مجال الإصلاحات السياسية، أو في مجال تنفيذ البرامج التنموية الاقتصادية والاجتماعية.
وبطبيعة الحال فإن هذا الخطاب يرتكز على رؤية رئيس الجمهورية الطموحة التي حددها في برنامجه الانتخابي، وتندرج تحت أربعة محاور كبرى، هي:
كبرى، هي:
1 ـ دولة قوية وعصرية، في خدمة المواطن؛
2ـ اقتصاد مَرِن، صامد وصاعد؛
3ـ تثمين رأس المال البشري لتحقيق التنمية المنسجمة؛
4 ـ. مجتمع معتز بتنوعه ومتصالح مع ذاته.
كما يرتكز على توجيهات رئيس الجمهورية الرامية إلى تسريع وتيرة تنفيذ برنامجه، وخاصة منها تلك التي مثلت منعرجا حقيقيا في هذا المجال، وأعني هنا ما ورد في خطاباته بمناسبة تخليد عيد الاستقلال في نوفمبر 2021، وبمناسبة افتتاح مهرجان مدائن التراث بمدينة وادان في دجمبر 2021، وكذلك كلمته في 24 مارس 2022 بمناسبة تخرج الدفعة الأخيرة من طلاب المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء.
السيد الرئيس، السادة والسيدات النواب،
لا يمكن تحقيق نفاذ المواطن إلى الخدمات العمومية بكرامة وإنصاف بدون دولة قوية وعصرية، تسهر على تطبيق القوانين والنظم بكل الصرامة اللازمة، كما تضمن أمن المواطنين في أنفسهم وأموالهم.
وفي هذا الإطار، ستعمل الحكومة على خلق الظروف المناسبة لتعزيز استقلال القضاء، وتيسير نفاذ المواطنين الأشد عوزا إلى خدمات المرفق العدلي، وتمهين القضاة والرفع من تخصصهم، وإصلاح المنظومة السجنية والجزائية، إضافة إلى حماية حقوق الإنسان ومكافحة الأشكال الحديثة للاسترقاق والاتجار بالبشر.
ومن جهة أخرى، ستتواصل جهود عصرنة القوات المسلحة وقوات الأمن، وتمهينها وتعزيز قدراتها العملياتية، وذلك بغية زيادة وسائلها ومجالات تدخلها وتكييفها مع التحديات الجديدة المرتبطة بتطور المجتمع وبالسياق الجيوسياسي للبلاد.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، ستواصل الحكومة، تحت سلطة فخامة رئيس الجمهورية، ترقية حضور ومشاركة بلادنا على المستوى الدولي، والدفاع عن مصالحنا الوطنية، ومساندة القضايا العادلة، بما يساهم في إرساء السلم والأمن على المستويين الإقليمي والدولي.
وستحظى جالياتنا المغتربة بعناية أفضل ومتابعة أكبر، وستستفيد من الدعم والتأطير الضروريين لتحسين ظروف إقامتها في الخارج.
السيد الرئيس، السادة والسيدات النواب
على الصعيد السياسي، ستواصل الحكومة تعزيز مناخ تهدئة المشهد الذي سنه فخامة رئيس الجهورية، سبيلا للاستفادة الفضلى من كل الخبرات الوطنية والتركيز على الإشكاليات الوطنية ذات الأولوية.
وقد تجسدت هذه الإرادة، في إطلاق الأعمال التمهيدية لتشاور وطني شامل، لا إقصاء فيه لأي فاعل، ولا حظر لأي موضوع. وسيكرس هذا التشاور الالتزام “بالمحافظة على الوحدة الوطنية وعلى كرامة المواطنين والمساواة بينهم مهما كلف الثمن”، كما قال فخامة رئيس الجمهورية.
ووعيا من الحكومة بأهمية الحكامة المحلية وجدواها، فستواصل تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للامركزية والتنمية المحلية في أفق 2030، وذلك عبر تفعيل المجلس الأعلى للامركزية، والمصادقة على إطار جديد للامركزية، ومراجعة الأمر القانوني المتعلق بتنظيم الإدارة الإقليمية ونصوصه التطبيقية، إضافة إلى إعادة تنظيم هياكل الولاية.
وفي مجال الحريات، سيتم تعزيز مشاركة المجتمع المدني والصحافة في الاستراتيجيات التنموية، وذلك من خلال إنشاء فضاءات للتبادل والتكوين والتواصل ووضع برنامج دعم هيكلي ومؤسسي لصالح منظمات المجتمع المدني والصحافة. كما ستواصل الحكومة ترقية حق النفاذ إلى المعلومات وخاصة عن طريق توسيع تغطية الخدمة الإعلامية العمومية للإذاعة والتلفزيون الوطنيين.
ومن جهة أخرى، ستواصل الحكومة التزامها الصارم في مجال الشؤون الإسلامية بترقية وتعميم تعاليم الإسلام وقيمه السمحة وخاصة من خلال تعليم القرآن الكريم والتأطير المتزايد للمساجد.
السيد الرئيس، السادة والسيدات النواب
ستكثف الحكومة عمليات تطوير المرفق العمومي من أجل تقريب الإدارة من المواطن. ذلك أنه لم يعد من المقبول، كما قال رئيس الجمهورية أن لا تكون الإدارة أقرب إلى المواطن وأكثر إصغاء له وأسرع في الرد عليه وحل مشاكله، بل :”… يجب أن يكون المواطن قادرا على إجراء معاملاته الإدارية بسلاسة
ويسر، والحصول على ما يحتاجه من إيضاحات، واستيفاء ما له من حقوق، بكرامة وسرعة، وبحكم كونه مواطنا لا غير”.
إن تقريب المرفق العمومي من المواطن، سيشكل من الآن فصاعدا أولوية مطلقة للحكومة. وبالنتيجة، فسيتم تمهين الإدارة وتوجيه أعمالها صوب الإجراءات التي تضمن المساواة في النفاذ إلى الخدمات وتحترم مبادئ الشفافية والحكامة الراشدة وتعيد الاعتبار لقيم العمل واحترام الجدارة والقانون.
وفي إطار سياسة عصرنة الوظيفة العمومية الوطنية، ستعكف الحكومة على مواصلة الإصلاحات المتعلقة بالنظام الأساسي لعمال الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري وبالنظام الأساسي الخاص بأعضاء هيئات الرقابة وبالنظام الأساسي العام لموظفي الدولة ووكلائها العقدويين، فضلا عن نظامي المعاشات على مستوى صندوق التقاعد والتعاقد في الوظيفة العمومية.
وستشهد التشريعات الاجتماعية بدورها المصادقة على مدونة جديدة للشغل وعلى اتفاقية جماعية جديدة للشغل، إضافة إلى مراجعة واعتماد نظام جديد للضمان الاجتماعي.
السيد الرئيس، السادة والسيدات النواب،
تدعونا الدروس المستخلصة من الأزمة الصحية العالمية ومن الحرب في اوكرانيا وتستحثنا على بناء اقتصاد مرن، صامد وصاعد.
ولهذا، ستواصل الحكومة العمل على تذليل العقبات التي تعترض سبيل نهوض اقتصاد منفتح، متنوع، خلاق لفرص العمل وللقيمة المضافة، وذلك عبر وضع إطار جذاب للاستثمار الخصوصي وقادر على تحرير الطاقات وتثمين المقدرات الاقتصادية الوطنية.
وستدعم وتواكب المبادرات الخصوصية من أجل إنجاز مشاريع بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، ولاسيما في مجالات الزراعة والتنمية الحيوانية والصيد والصناعة والبنى التحتية والطاقة.
ومن جهة أخرى، تلتزم الحكومة، في مجال محاربة الفساد، بالقيام بعمل مؤسسي فعال يمكن من المحافظة على موارد الدولة ومعاقبة المتورطين طبقا للنصوص المعمول بها. وفي هذا الإطار، سيتم استكمال الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد، كما سيتم تنفيذ الإصلاحات الرامية إلى تمهين هيئات الرقابة.
وفضلا عن ذلك، ستتم عصرنة إدارة وتسيير المالية العامة، سبيلا لتحقيق جملة أهداف من بينها ضمان النجاعة وتحقيق مردودية أكبر وتعبئة إيرادات الدولة مع تنزيل المرفق في صلب العمل العمومي.
وهكذا، ستتواصل الإصلاحات الرامية إلى تخويل المسيرين المسؤولية وتبسيط إجراءات الميزانية واستحداث مؤشرات المتابعة وكذا تعزيز وسائل الرقابة وعصرنة إعداد قوانين المالية ومتابعة تنفيذها
كما سيتم القيام بمتابعة أفضل للتطورات الاقتصادية والنقدية والمالية من أجل احتواء الضغوط التضخمية ودعم انتعاش النشاط الاقتصادي. وستتواصل الإصلاحات التي تم الشروع فيها في مجالات السياسة النقدية والصرف والاشراف المصرفي والمالي، وذلك بهدف المحافظة على التوازنات المالية والاقتصادية الكبرى وتعزيز استقرار النظام المالي.
وبخصوص قطاعي النفط والمعادن، ستعطي الحكومة الأولوية لزيادة الاستفادة من استغلال مواردهما وتحسين جاذبية البلاد للاستثمار الأجنبي المباشر فيهما.
وسيتم بذل جهود كبيرة من أجل تحسين ظروف حياة العاملين في مجال التعدين التقليدي وظروف ممارسة هذا النشاط الذي يضطلع بدور جوهري في امتصاص البطالة وخاصة في صفوف الشباب.
ومن جهة أخرى، ستقوم الحكومة بإصلاح نظام تزويد البلاد بمنتجات النفط والغاز، بغية تأمينه، وذلك في سياق يتسم بإرث ثقيل من حيث نقص قدرات تخزين المنتجات المعنية وتهالكها.
وفي مجال سياسة الصيد، ستتم تعبئة وتثمين الإمكانات المرتبطة بالاقتصاد البحري بشكل أكبر بهدف تطوير أداء اقتصادنا الأزرق.
وفي هذا السياق، ستواصل الحكومة النشاطات الرامية إلى المحافظة على الثروات البحرية وعلى بيئتها البحرية والشاطئية واندماج متزايد للقطاع في الاقتصاد الوطني عن طريق تنمية سلاسل القيم. كما سيتم تطوير وتفعيل البنى التحتية للموانئ، وكذا تشجيع وتنمية النشاطات المرتبطة بها.
كما سيتم بذل جهود كبيرة لتشجيع الصيد القاري
وفي جميع هذه المجالات، ستعزز الحكومة النشاطات الخلاقة لفرص العمل لصالح الشباب والنساء، وخاصة من خلال توسيع البرامج قيد الإنجاز وتنفيذ الإجراءات الاستثنائية التي أقرها رئيس الجمهورية بتاريخ 16 دجنبر 2021 في إطار البرنامج الخاص حول التشغيل والتكوين المهني والدمج.
السيد الرئيس، السادة والسيدات النواب
يعتبر الاكتفاء الذاتي من الغذاء، بالنسبة لبلادنا أولوية مطلقة، بل حيوية. ومن أجل ذلك، سيتم الشروع في مجموعة من الإصلاحات بهدف إعادة صياغة مهام مؤسسات هذا القطاع بشكل أفضل، والرفع من مستوى الاستفادة من مواردها وتعزيز قدراتها على التدخل.
وفي هذا الإطار، ستواصل الحكومة الأنشطة والبرامج التي تم إطلاقها، لا سيما ما يتعلق منها ببناء السدود، وتطوير وتأهيل وصيانة مختلف المناطق والمساحات الزراعية والمحاور المائية على مستوى مختلف ولايات الوطن.
وستُبذل جهود كبيرة لتشجيع ومواكبة زراعة الخضروات والحبوب والأعلاف وتطوير الصناعات الزراعية باعتبارها ركائز أساسية لمواجهة تحديات الأمن الغذائي.
أما فيما يتعلق بالتنمية الحيوانية، فستنصب جهود الحكومة على مجالات التدخل المتعلقة بـمضاعفة الإنتاجية والإنتاج الحيواني من خلال تعزيز سلاسل القيمة، وخلق بيئة مواتية للتطوير المستدام للتنمية الحيوانية، وتحسين نوعية المنتجات المعروضة في السوق عبر مراقبة الجودة
والسلامة؛ وتحسين وتعزيز الإطار القانوني والمؤسسي مع زيادة مشاركة القطاع الخاص. كل ذلك إلى جانب إعطاء عناية خاصة لشعب الألبان واللحوم الحمراء والدواجن.
وبالإضافة إلى ذلك، سيوفر برنامج دعم الثروة الحيوانية للمنمين، خلال فترة الجفاف، الأعلاف الضرورية، كما سيتم تزويد المزارعين بالمدخلات الزراعية.
أما فيما يتعلق بالتحول البيئي، فستواصل الحكومة جهودها للاستجابة للتحديات البيئية الرئيسية لتغير المناخ والتصحر وندرة الموارد الطبيعية؛ وتعزز في هذا المجال إجراءات إعادة تأهيل الأراضي المتدهورة، وبناء حواجز الحماية من الحرائق وتكثيف الرقابة البيئية.
وفيما يتعلق بالتجارة، ستواصل الحكومة جهود إدارة الأسعار وتنظيم السوق من خلال تدخلات مركزية الشراء وتموين السوق. وستعمل على ضمان التموين المنتظم للسوق بالمواد الغذائية الأساسية.
كما سيتم إيلاء اهتمام خاص لإعادة تنظيم الزراعة الغذائية والمناطق الصناعية، واعتماد استراتيجية صناعية جديدة، وإنشاء هيئة لمراقبة جودة المنتجات الغذائية.
وفي مجال السياحة التي تأثرت بشدة خلال العامين الماضيين، ستمنح الأولوية لتنويع العرض السياحي بشكل عام وترقيته وتحديثه، من خلال خلق تكامل بين المنتجات المختلفة.
السيد الرئيس،
السادة والسيدات النواب
لا مراء في أن تحقيق تنمية جيدة وشاملة تعود بالنفع على الجميع، يعتمد على وجود بنية تحتية متطورة، في مجالات الطاقة والنقل والمياه والاتصالات، تغطي كافة أرجاء الوطن.
وفي هذا السياق، ستعمل الحكومة في مجال الاستصلاح الترابي والعمران والإسكان، على ضمان التنمية المتوازنة لمجالنا الترابي ومدننا وعلى توفير سكن لائق وخدمات حضرية ذات جودة لمواطنينا.
وستتخذ التدابير المناسبة لتكييف الآليات التشريعية والتنظيمية مع الظروف الحالية، من خلال مراجعة مدونة العمران وقانون التطوير العقاري، وإنشاء إطار قانوني للملكية المشتركة والاستئجار المشترك وإنشاء صندوق للإسكان.
وفي مجال الطاقة، سيتركز العمل، بالدرجة الأولى، على تحسين نفاذ المواطنين والفاعلين الاقتصاديين إلى الكهرباء من خلال كهربة عشرات البلدات في ولايات مختلفة والربط الكهربائي ما بين المناطق الاقتصادية الرئيسية بالبلاد.
وإدراكا منها بأن تطوير عرض في مجال النقل متنوع، يمكن من ترقية المبادلات وتقليص تكاليف الإنتاج وتقوية القدرة التنافسية للاقتصاد في بلد مترامي الأطراف كبلدنا، يشكل أولوية استراتيجية وطنية، فستواصل الحكومة تنفيذ الإصلاحات والإجراءات الهادفة إلى إعادة تنظيم قطاع النقل وتحديثه، وتطوير وتحسين جودة وسلامة البنى التحتية الطرقية والمطارات والموانئ.
وفي هذا الصدد، سيتم إصلاح
النظام المتعلق بتصنيف شبكة الطرق الوطنية ونظام تسجيل المركبات وإنتاج رخص القيادة البيو مترية من أجل الوفاء بمتطلبات سلامة الأشخاص والممتلكات بشكل أفضل.
وإن تنفيذ سياسة مستدامة في مجال تسيير المياه ليمثل بالنسبة لنا أولوية مطلقة، ومن هذا المنطلق، ستواصل الحكومة تنفيذ المشاريع الكبرى المُهيكلة وبرامج تزويد عشرات البلدات بالمياه في جميع أنحاء التراب الوطني.
بالإضافة إلى ذلك، ستنصب الجهود على تطوير عرض صرف صحي ملائم في المناطق الحضرية، من خلال بناء شبكات جديدة وتوسيع الشبكات القائمة.
ومن أجل الاستفادة من الثورة الرقمية ومضاعفة مردوديتها على اقتصادنا، ستجعل الحكومة من التحول الرقمي الرافعة الرئيسية لتطوير إدارتنا وجعل خدماتها أكثر فعالية وأقرب وأيسر للمواطنين. وسيتم لهذا الغرض اعتماد وتنفيذ الاستراتيجيات والتدابير المتعلقة بالتحول والأمن الرقميين والخدمات الحكومية الإلكترونية.
السيد الرئيس،
السادة والسيدات النواب
بما أن العامل البشري هو الضامن للنجاح والإنتاجية، فإن الحكومة ستولى أهمية قصوى لتنمية رأس المال البشري الوطني، على كافة الأصعدة، ليكون قادرا على مواكبة ودعم التحولات الجارية على المستويات الاقتصادية والاجتماعية.
وفي هذا السياق، سيتم بذل جهود كبيرة لتعزيز وتأطير وتوسيع نطاق التعليم ما قبل المدرسي، لتمكينه من لعب الدور المنوط به في إعداد الأطفال للعيش المشترك، والانتقال بهم إلى التعليم الابتدائي في أفضل الظروف.
وعلى نفس المنوال، ستواصل الحكومة العناية بالتعليم المحظري الذي يشكل حلقة مركزية لنظام التعليم الوطني ودرعًا منيعا للحفاظ على الهوية الوطنية، وذلك من خلال توطيد وتحديث برامجه وتعزيز انفتاحه على عالم الشغل.
وعلى مستوى التعليم الأساسي والثانوي، تهدف سياسة الحكومة إلى ضمان تعليم قاعدي كامل وجيد النوعية لجميع الأطفال.
ومن المنتظر، في هذا الإطار، أن تفضي عملية التشاور الوطنية التي حددت رؤية وأهداف وغايات الإصلاح المدرسي ووضعت المعالم الرئيسية لتطبيقها، إلى صياغة قانون توجيهي يشكل نقطة الانطلاق الحاسمة لوضع توصيات عملية التشاور حيز التنفيذ.
وفي ما يتعلق بتطوير الولوج إلى الخدمات التعليمية، ستواصل الحكومة عمليات الاكتتاب المكثفة للمدرسين، وتعزيز قدراتهم، وتحسين ظروف عملهم. كما ستواصل تشييد البنى التحتية المدرسية في جميع أنحاء التراب الوطني.
وعلى صعيد التكوين المهني، ستتركز الجهود على توسيع العرض وبناء وتأهيل مراكز التكوين المهني والفني وتطوير البرامج لتتلاءم مع احتياجات الاقتصاد الوطني. هذا، فضلا عن تعزيز الارتباط بين القطاع الخاص ومراكز التكوين المهني للاستجابة بشكل أفضل لطلب سوق العمل.
وفي مجال التعليم العالي، ستواصل الحكومة الجهود الرامية إلى إنشاء شعب تعليمية جديدة في مجالات التجارة والتسيير والعلوم السياسية والصحافة والدراسات الصيدلانية، وكذلك إعادة هيكلة بعض المؤسسات القائمة. كما سيشهد قطاع البحث العلمي زخماً قوياً من خلال تنشيط هياكل البحث العلمي ومدارس الدكتوراه، بالإضافة إلى تفعيل لصندوق البحث العلمي.
أما في مجال الصحة، فستعمل الحكومة، تأسيسا على الجهود الاستثنائية التي بذلت على مدى العامين الماضيين في سياق مكافحة وباء كوفيد 19 ، على تقريب الخدمات الصحية من الفئات السكانية الأكثر هشاشة وإنشاء منظومة صحية حديثة وفعالة وفي متناول جميع المواطنين.
وسيتجلى ذلك في الاستثمار في توسيع نطاق عرض الخدمات الصحية، والولوج إلى الأدوية عالية الجودة، وتعزيز قدرات العاملين في المجال الطبي وشبه الطبي، وتحسين ظروف عملهم، وترقية التأمين الصحي الشامل.
وإدراكا من الحكومة بأن
مستقبل أي بلد مرهون بالمشاركة الفعالة للشباب في جهود البناء الوطني، فستسعى إلى تحقيق أقصى استفادة من الطاقات الإبداعية لشبابنا، بوصفهم فاعلين حقيقيين ومعقد الأمل في تحقيق تطلعاتنا إلى التقدم والازدهار.
ومن هذا المنظور، ستنصب الجهود على تطوير وتحديث البنية التحتية للشباب، وتطوير برنامج تطوعي، بالإضافة إلى تنظيم حملات توعية حول المخاطر المرتبطة بالشباب وأنشطة اجتماعية وتعليمية.
هذا، وسيتواصل، من جهة أخرى، تنفيذ البرامج التي تركز على تمكين المرأة وصيانة حقوقها وحماية الأسرة وتحسين الرفاه الأسري.
السيد الرئيس،
السادة والسيدات النواب
إن هويتنا الثقافية تمثل، من خلال تنوعها، مصدر قوتنا وفخرنا، وهي التي على أساسها يمكننا بناء مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة.
وفي هذا الإطار، ستواصل الحكومة الإصلاحات المتعلقة بتثمين وترقية تراثنا الثقافي والفني وقيمنا وتقاليدنا الوطنية.
ومن هنا ، فإن اللحمة الاجتماعية والوحدة الوطنية تشكلان، بالنسبة للحكومة، رافعة أساسية لتنفيذ الرؤية المتبصرة لرئيس الجمهورية الذي يرى أنه ” قد آن الأوان …أن نتخلص نهائيا من تلك الأحكام المسبقة والصور النمطية التي تناقض الحقيقة وتصادم قواعد الشرع والقانون وتضعف اللحمة الاجتماعية والوحدة الوطنية وتعيق تطور العقليات وفق ما تقتضي مفاهيم الدولة والقانون والمواطنة. “
ومن أجل ذلك ستواصل الحكومة تنفيذ برامجها الاجتماعية التي تركز على مكافحة الإقصاء، وحماية الفئات المحرومة، والتكفل بالمعوزين، ودعم الأسر الهشة الضعيفة في جميع أنحاء التراب الوطني.
ومن هذا المنطلق، ستعمل الحكومة على تعميم التكفل بجميع المرضى المعوزين وتحسين تغطية المساعدة الاجتماعية للأشخاص المستضعفين وحماية ودعم الأشخاص ذوي الإعاقة؛ وستستفيد هذه الفئات من مشاريع مدرة للدخل ومعدات فنية لتطوير أنشطتها، بالإضافة إلى العديد من الدكاكين الجماعية و برامج التحويل النقدي وتوزيعات غذائية مجانية وحوانيت التموين.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
إن السبيل إلى تجسيد هذه الرؤية التي تبناها رئيس الجمهورية محفوف بتحديات كبرى، تعيها الحكومة وتسعى للتغلب عليها بشكل كامل؛ ويتعلق الأمر باختلالات الإدارة، وعدم ملاءمة التكوينات مع متطلبات سوق العمل، وعدم فعالية نظام إبرام الصفقات؛ أضف إلى ذلك البيئة غير المواتية للغاية، والتي تتميز بالعواقب السلبية لوباء كوفيد 19 الذي يضرب العالم بشدة منذ عامين، وللتبعات السلبية للحرب المستمرة في أوكرانيا، دون أن ننسى التهديدات المرتبطة بعوامل عدم الاستقرار
في فضاء الساحل والصحراء، وفي محيطنا الجيوسياسي المباشر.
ومع ذلك، فإن إرادة وعزم رئيس الجمهورية، والفرص الواعدة المتاحة لقطاعاتنا الإنتاجية، وما يتوقع من فوائد من العائد الديموغرافي، هي أمور تبعث لدينا الثقة والأمل في إمكانية تحقيق نمو سريع ومستقبل مشرق لبلدنا.
من هذه المأمورية الرئاسية التي حظيت من أول يوم بدعمكم ومواكبتكم لها.
إنه البرنامج الذي يشرفني اليوم أن ألتزم، وفقًا للدستور، بمسؤولية الحكومة على أساسه، طالبا منكم دعمه، لتتهيأ الظروف الملائمة لانطلاقة جديدة نحو مزيد من التقدم والازدهار والاستقرار لبلادنا.
“وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ”. صدق الله العظيم”.
وعلى المدى القصير ، ستعمل الحكومة على :
– التصدي لموسم الجفاف، والتخفيف من تأثيرات الحرب في أوكرانيا، على إمدادات بلدنا بالمواد الغذائية الأساسية وبالمحروقات؛
– تنفيذ خطة عمل رئيس الجمهورية بشأن الإنصاف واللحمة الاجتماعية “إنصاف”؛
– تعزيز جهود محاربة سوء التسيير والفساد؛
– تقريب الإدارة من المواطنين على أساس من الإنصاف والمساواة؛
– متابعة أفضل لتنفيذ المشاريع والبرامج؛
– تعزيز وتسريع تنفيذ إجراءات حازمة تهدف إلى تعزيز خلق فرص عمل لائقة للشباب في القطاع العام وبالشراكة مع القطاع الخاص؛ –
– تنفيذ نتائج المشاورات حول “المدرسة التي نريدها”؛
– تنفيذ توصيات المشاورات الوطنية الجارية والتحضير للانتخابات المقبلة؛
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
تلكم هي الخطوط الرئيسية للسياسة العامة التي تعتزم الحكومة تنفيذها سبيلا إلى مواصلة تجسيد برنامج فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، الهادف إلى بناء دولة قائمة على القانون، قوية وعصرية، عادلة ومنصفة، يتمتع فيها جميع المواطنين بحقوقهم الاجتماعية والاقتصادية بكرامة ودون أي تمييز.
إن هذا البرنامج يتركز، كما لاحظتم، على تعزيز وتعميق إنجازات السنوات الثلاث الأولى من هذه المأمورية الرئاسية التي حظيت من أول يوم بدعمكم ومواكبتكم لها.
إنه البرنامج الذي يشرفني اليوم أن ألتزم، وفقًا للدستور، بمسؤولية الحكومة على أساسه، طالبا منكم دعمه، لتتهيأ الظروف الملائمة لانطلاقة جديدة نحو مزيد من التقدم والازدهار والاستقرار لبلادنا.
“وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ”. صدق الله العظيم”.